الاختلاف ظاهرة طبيعية بين الحضارات والشعوب، بل وحتى الأفراد، ولا إشكال في ذلك، فالله تعالى خلق الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا. ولكن الإشكال هو أن يكون الاختلاف سببا للكراهية والتعصب المفضيان للعنف وقمع الآخرين بدلا من أن يكون دافعا للتبادل المعرفي والتلاقح الثقافي البناء.
وغالبا ما كان السبب في اندلاع الحروب هو الاختلاف العقائدي أو الثقافي، والحروب الصليبية ضد البلاد الإسلامية واحدة من الشواهد الكبيرة على ذلك. ولذلك دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى إجراء حوار بين أتباع الأديان السماوية من أجل التأكيد على القواسم المشتركة والمبادئ العامة التي يؤمن بها بنو البشر كالصدق، والأمانة والتسامح، والتكافل، والمساواة، وكرامة الإنسان، وهذا من شأنه أن يعزز التفاهم الدولي ويقلل قدر المستطاع من الأزمات والصراعات والحروب، وبالتالي يحقق الاستقرار العالمي المنشود.
كما أكد ذلك الملك عبدالله لدى استقباله رؤساء بعثات حج الموسم الماضي عندما قال: (بهذا نتجاوز خلافاتنا، ونقرب المسافات بيننا ، ونصنع سوية عالماً يسوده السلام والتفاهم، ويصبح التقدم والرخاء غرساً نقطف ثماره جميعنا) واليوم ينطلق في مكة المكرمة المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار بمشاركة من خيرة العلماء والمتخصصين البالغ عددهم أكثر من خمسمائة شخصية إسلامية، سيناقشون ثلاثة عشر محورا حددتها رابطة العالم الإسلامي، المنظمة للمؤتمر، من منظور إسلامي، وتسليط الضوء على القيم الإسلامية التي تؤكد على ضرورة الحوار ومجادلة الآخرين بالتي هي أحسن.
ويتوقع أن يخرج المؤتمر بخطة عمل واضحة، وتوصيات محددة من أجل إنجاح الحوار مع الآخرين، وضمان استمراريته وفق المنهج الإسلامي الواضح، وذلك حتى يتم قطف ثمار الحوار الذي سيعود بالنفع على البشرية جمعاء.
ومن خلال الحوار الهادف والبناء يمكن تعريف الآخرين بالإسلام وقيمه، وتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة والتعميمات المغلوطة عن الدين الحنيف، والتي تتسبب في إشاعتها التصرفات الخاطئة من بعض المسلمين، واصطيادها من قبل وسائل الإعلام العالمية المتحيزة، والجماعات الأجنبية المتعصبة، من أجل تشويه صورة الإسلام والمسلمين.