اجرى الحوار - علي سالم
أكد السفير السويدي لدى المملكة جان ثيسلف أن العلاقات السعودية السويدية المتميزة تنمو بشكل مطرد على مختلف الأصعدة الاقتصادية والتعليمية والتقنية، ومشيدا بالدور الكبير الذي تضطلع به المملكة لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، كما ثمن السفير مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين الأديان، مؤكدا أن هنالك تطابقاً في سياسات البلدين تجاه الكثير من القضايا والأزمات في الشرق الأوسط.. كدعمهما لجهود الاستقرار في العراق ولبنان وسعيهما لحل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط، وإبعاد خطر التسلح النووي عن المنطقة..
كما نوه بالزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للسويد عام 2001 - حين كان ولياً للعهد، وأشاد السفير السويدي لدى المملكة بجهود خادم الحرمين وعنايته الفائقة بالتعليم والبحث العلمي وقال: إن المسار الذي تتخذه المملكة تحت قيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز يتوافق تماماً مع المسار الذي اتخذته لنفسها مملكة السويد، مؤكداً أن البحث العلمي يأتي في مقدمة العوامل التي أدت إلى أن تكون السويد من الدول المتقدمة على المستويين العلمي والتقني..
* العلاقة بين المملكة والسويد تمتد لعدة عقود، فهل تحدثنا عن جديد هذه العلاقه؟
- العلاقات السعودية السويدية تمتاز بكونها علاقات قوية وبعيدة الجذور. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة متصلة وتطوراً ملحوظاً في مستوى التعاون القائم بين المملكة والسويد على مختلف الأصعدة الاقتصادية والتعليمية والتقنية. ولقد تم وضع حجر الأساس لعلاقات الصداقة والتعاون التي تربط بين البلدين إبان الزيارة الهامة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز لمملكة السويد عام 2001م، حين كان ولياً للعهد، ولقد حرصت القيادة في كلا البلدين على دعم وتعزيز هذه العلاقات عبر تبادل الزيارات رفيعة المستوى، والتي كان من أبرزها الزيارة التي قام بها ملك السويد كارل السادس عشر غوستاف للمملكة في فبراير الماضي، بصفته الرئيس الفخري للمؤسسة الكشفية العالمية، حيث زار جلالته المعسكر الكشفي في الصحراء.
وقبيل زيارته للمملكة استقبل ملك السويد بالقصر الملكي في استوكهلم رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد الذي زار السويد على رأس وفد من مجلس الشورى السعودي والتقى عدداً من كبار المسئولين.
وعقب ذلك استقبلت الرياض وفداً برلمانيا من السويد، جرى استقباله بحفاوة بالغة من قبل كافة المسئولين بالمملكة.
* هل تحدثنا عن ردود الفعل تجاه زيارة ملك السويد للمملكة؟
- لقد لخص أحد كتاب جريدة (الجزيرة) - وهو الكاتب جاسر عبد العزيز الجاسر- الانطباعات التي تركتها زيارة جلالته، حيث قال: بإعجاب غير محدود، وتقدير كبير تابعت زيارة الملك كارل جوستاف السادس (عشر)، ملك السويد للمملكة. زيارة الملك السويدي لم تكن زيارة سياسية، ولم يحضر إلى المملكة للترويج للصناعات السويدية ولم تهدف الزيارة إلى نسج علاقات عامة، وأيضاً ليس لتحقيق مصالح لبلاده أو لشخصه، فالملك بكل بساطة يقوم برحلة كشفية، ويدعو لنشر السلام والترويج للمحبة والأخوة بين شباب العالم. هذه العبارات البليغة التي صاغ بها الكاتب انطباعاته عن زيارة الملك كارل السادس عشر جوستاف تعكس الانطباع العام والشعور القوي والحقيقي الذي تركته هذه الزيارة في نفوسنا جميعا، وهي الانطباعات والمشاعر نفسه التي عكستها وسائل الإعلام في كلا البلدين، وأود ان أؤكد بأن هذه هي اهداف تلك الزيارة، مع العلم بأن العلاقه بين البلدين راسخة ومتنوعة وتغطي كافة المجالات:السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها.
* وما هي محصلة كل هذه الزيارات واللقاءات ؟ وهل انعكست هذه التطورات الإيجابية على العلاقات الاقتصادية بين البدين؟
- بالتأكيد هناك نتائج إيجابية ملموسة لهذا العمل الدؤوب والجهد المشترك، فقد كانت المملكة وستظل الشريك التجاري الأهم للسويد في الشرق الأوسط، وقد شهد التبادل التجاري نموا هائلاً، وصلت نسبته في بعض القطاعات أكثر من 23%، وقد بلغ حجم التجارة المتبادلة بين البلدين عام 2007م نحو 8 بلايين كورونا سويدية (حوالي 5 آلاف مليون ريال) فيما بلغ عدد المشاريع المشتركة المقامة في المملكة (17) مشروعاً.
و كانت أهم القطاعات الرئيسة للتبادل التجاري بين البلدين هي قطاعات الاتصالات والمعادن والكهرباء والسيارات والشاحنات والأجهزة والمعدات الخاصة بالتبريد والكهرباء ومحطات التوزيع.
ومن ناحية أخرى تمثل المواد الكيميائية أهم الصادرات السعودية إلى السويد.
ومؤخراً استضافت الرياض مؤتمراً ضم أكثر من خمسين من قادة أهم البنوك والشركات السويدية، ثم كانت زيارة وزيرة التجارة السويدية الدكتورة إيوا بيورلينج التي وقعت خلالها اتفاقية حماية الاستثمارات المتبادلة مع وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، وأجرت حوارات بالغة الأهمية مع نظيرها وزير التجارة والصناعة عبد الله زينل.
* وما هو الجديد الذي يمكن أن تضيفه اتفاقية حماية الاستثمارات المتبادلة؟
- تعتبر اتفاقية حماية الاستثمارات المتبادلة إطاراً قانونياً يوفر الضمانات التي يتطلع المستثمرون في كلا البلدين للحصول عليها لحماية استثماراتهم وضمان حقوقهم، ولاشك في أن هذه الاتفاقية بما توفره من مزايا وضمانات ستؤدي إلى تنمية الاستثمارات المتبادلة في البلدين، وسينعكس أثرها بالضرورة على زيادة تدفق الاستثمارات المتبادلة، وقد كانت وزيرة التجارة السويدية الدكتورة إيوا بيورلينج حريصة على تسليط الضوء على الاهتمام الذي توليه حكومتي البلدين للشركات المتوسطة والصغيرة.
* ما أبرز ميادين التعاون بين المملكتين؟
- ومن أهم أوجه التعاون الحالية بين المملكة والسويد العمل في مجالات نقل التكنولوجيا وتوطينها، إذ تعمل الشركات السويدية على تزويد شركائها في المملكة بالمعرفة والخبرة الفنية اللازمة من أجل دفع عجلة التطور التقني وتنمية القدرات التقنية في المملكة.
* هل العلاقات السعودية- السويدية تنحصر فقط في العلاقات التجارية؟
- قطعاً لا .. إن الذي يجمع بين بلدينا، المملكة والسويد، أكثر من مجرد علاقات تجارية وطيدة ومتنوعة، بل هي شراكة تاريخية واستراتيجيه، تزداد عمقاً ومتانة يوماً بعد يوم.
فهناك ثمة تطابق في سياسات البلدين تجاه الكثير من القضايا والأزمات في الشرق الأوسط .. كما أن مواقف البلدين الصديقين تجاه كثير من القضايا الدولية متوافقة، وهو ما يبدو من خلال تنسيق المواقف في المحافل الدولية، والمشاركة السعودية البارزة في مؤتمر استوكهلم لدعم لبنان الذي انعقد في أعقاب حرب حزيران-يونيو الماضي، وكذلك مؤتمر العهد الدولي للعراق الذي استضافته العاصمة السويدية الأسبوع الماضي.
* وماذا عن العلاقات الثقافية؟
- منذ حوالي شهر افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض معرض - دنيا المحبة لرسوم الأطفال - الذي ضم صوراً فوتوغرافية من إبداعات صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلمان عبد العزيز، ولوحات فنية لأطفال المملكة والسويد تعكس تصوراتهم عن الحياة في البلد الآخر وكان المعرض إحدى الفعاليات الرئيسة في برنامج زيارة عدد من الأطفال السويديين للرياض وجدة، والزيارة نفسها تمثل المرحلة الثانية من برنامج (دنيا المحبة) للنشاط الفني بين أطفال المملكة وأطفال السويد.