يفترش الحزن مآقي الكثير منا وقلوبهم بعد أن امتدت يد المنون إلى زميل عزيز وأديب أريب جمع فنون العلم وجوامع اللغة وفصاحة اللسان وبلاغة البيان مع حسن خلق جم وتواضع مدهش، إنه معالي الفقيد الدكتور/ صالح المالك فهو يبحث في كافة الفنون اللغوية والاجتماعية والسياسية ويدلي بدلاء متنوعة في الكثير من الفنون والعلوم ..
.. ولا ينفك مجلسه الدائم ومحيط أصدقائه وزملائه وتلاميذه ومريديه من بحث في آفاق كثيرة من العلوم شرفت بزيارته وهو يعالج في أمريكا وقد رافقني أكثر من مرة في سيارة يقودها بنفسه وشرح لي عن المدينة التي يعالج فيها والمستشفى الذي يرتاده وهي مدينة صغيرة تحمل بين أعطافها أفضل إمكانيات طبية متوفرة على الإطلاق في مدينة روشتر وهي مدينة طبية غنية عن العرف والتعريف وبها مستشفى عالمي تحت مسمى مايو كلينك تبرع بها أحد الأثرياء في الماضي ثم توالت التبرعات من رجال الأعمال ومعهم عرب ومسلمون، فقد وجدت في كتابهم السنوي مساهمات لرجال أعمال عرب وحكام لما لمسوه في هذا المستشفى من العناية والرعاية جال بي الدكتور/ صالح المالك في المدينة معرفاً بشوارعها وآثارها والسوق الكبير فيها وعلى صغرها كأي مدينة أمريكية تجد فيها ما في العواصم الكبيرة من مرافق -ففيها الأسواق والمقاهي والمطاعم والفنادق وقد امتلك أحد رجال الأعمال العرب عمارة كبيرة حديثة حسنة التأنيث يأوي إليها العرب الراغبون في دفء المنازل، ويجتمع الدكتور/ صالح يومياً مع أصدقائه من العرب والسعوديين على وجه الخصوص وقد تجاوز عددهم العشرة فيؤدون الصلاة جماعة ويتسامرون على ذكرى الوطن العزيز وأخبار العروبة - ثم توالت زيارتي للدكتور/ صالح المالك بصفة دورية بعد أن عاد إلينا لاكمال علاجه في المملكة وقبل أيام بسيطة من انتقاله إلى سعة رحمة الله وغفرانه استوقفني ليسألني سؤالاً علمياً كم تبعد الشمس عن الأرض وكذلك بعد الكواكب الأخرى عن بعضها البعض وعن الأرض وقد تعذر علي الجواب فأمطرني بأرقام فلكية، قلت له إن ذاكرتك حديدية قال لا تقل حديدية ولكن قل انها فتوغرافية، انظر إلى اهتماماته وهو على فراش المرض - تمثل قصة ارتقاء الدكتور/ صالح المالك سلالم المجد قصة جميلة تحسب لجيله الذهبي لتكون دروساً لأجيالنا الحالية وأبنائنا القادمون إلى مشارف الحياة وزخارفها ليكمل مشارف الحياة وزخارفها فقد التحق بالمعهد العلمي ثم أكمل بكالوريوس الشريعة في الرياض وعاد إلى كراسي الدراسة الثانوية ويلتحق بجامعة الملك سعود كلية الآداب ويحصل على بكالوريوس في الجغرافيا ويعمل معيداً بالجامعة ويسافر إلى أمريكا للحصول على الماجستير والدكتوراه في علم كان أقرب إلى نفسه وهو علم الاجتماع ثم يعود ليمارس التدريس بالجامعة ويطلب إليه معالي الشيخ/ عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس الجامعة (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) العودة إلى رحاب الجامعة الأم ليعمل أميناً عاماً للجامعة ويساعد في ابتعاث الكثير من الطلبة المميزين للدراسة في الخارج مثل الدكتور/ علي النملة والدكتور/ الجويره وآخرون ويروي لي أنه كان أول من ارتدى العقال في رحاب جامعة الإمام وقلت له سبقك آخرون فيروي أخي الشيخ راشد إبراهيم الحديثي وهو خريج دار التوحيد وجامعة الإمام أن الطلبة كانوا يرتدون المشالح في فصول الدراسة بالجامعة رحم الله أبا هشام فقد ترك لنا إرثاً بالغاً من العلوم وذكراً طيباً في المجتمع، كما تلمس بصمات تنظيمه في تنظيم وترتيب واجتماع أسرة المالك التي أصبحت مضرب المثل في انتظام الصفوف والتواجد المستمر في أفراح المجتمع واحزانه -واقترح عليهم أن يجمعوا ما كتب عن الفقيد وبعض مؤلفاته في كتاب يكون مرجعاً هاماً للطالبين.
والله الموفق.
aalhudaithi@cecorp-sa.com