حينما يترجل فارس من فرسان الحلبة بحجم ومنزلة المرحوم معالي الدكتور صالح بن عبدالله المالك الأمين العام لمجلس الشورى ويتقدم أرتال المعزين لأسرته في وفاته خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله تعالى - وعدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء والفضيلة العلماء ووجهاء المجتمع وتغص ساحة جامع الراجحي بالمصلين على جنازته وتمتلئ مقبرة النسيم بالركب من الأهل والأصحاب والأصدقاء وزملاء المهنة والعمل المتوافدين من كل صوب وحدب لتوديعه إلى مثواه الأخير ويكتظ منزل شقيقه معالي الدكتور أحمد المالك بالمعزين من المواطنين وتمتلئ صفحات الجزيرة بمقالات العزاء والحزن والأسى في هذا المصاب الجلل فماذا يعني كل هذا؟ إنه يعني أن الوطن فقد بموته أحد أبنائه البررة المخلصين، كما فقدت مجالس الفكر والعلم والمعرفة ومنابر الشورى علما بارزا من أعلامها ومواطنا مخلصا ورجلا محبا غيورا على دينه ووطنه ومجتمعه.
لقد كانت مساهمات معالي المرحوم الوطنية الاجتماعية والإنسانية والتعليمية والشورية والخيرية وغيرها أكثر من أن تعد وتحصى فقد بذل من فكره وعقله وعلمه وماله وجهده الشيء الكثير وكانت لمواقفه الإنسانية الحانية في كل محطاته الوظيفية التي مر عليها في الجامعة والوزارة ومجلس الشورى بل حتى في أصعب لحظات حياته حينما كان يصارع المرض في المستشفى حينما تعوده - رحمه الله عليه - فإنك تقف على ما يسطر بالعرفان والامتنان والتقدير وجم الدعاء له, نعم لم يكن المرحوم شخصا عاديا عابرا في حياة كل من عرفه، ولم تكن وفاته سوى صدمة حزن عنيفة وقاسية.
لقد كان المرحوم إنسانا مؤمنا صالحا مستقيما نزيها مخلصا هادئ الطبع رزينا ومحاورا بارعا ومقنعا. لقد كان معالي الدكتور صالح المالك كريما بكل المقاييس، كريما في نفسه وماله، كريما في جاهه وجهده، كريما في عقله وفكره، بارا بوالدته وأسرته وأصدقائه، عفيف اللسان نقي السريرة طاهر القلب يحب الخير لكل الناس دون استثناء، ولا يعرف الحقد أو الحسد طريقا لقلبه وهكذا هم عظماء الرجال رحمك الله يا أبا هشام رحمة واسعة وتجاوز عنك والهم أهلك وذويك الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
(*) مدير عام تعليم البنين بالرياض