لقد قال الله في محكمة التنزيل:{وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. ولقد جاء الأجل المحترم لصديق حميم عرفته منذ الصغر عندما توافدنا من قرى المملكة ومدنها للالتحاق بمعهد الرياض العلمي الذي جرى افتتاحه عام 1371هـ.
ففي عام 1372هـ قابلت الأخ الكريم صالح بن عبدالله المالك، ومنذ ذلك اليوم جرى بيننا تواصل أملاه وجودنا في فصل واحد لمدة أربع سنوات هي التي يقضيها الطالب آنذاك في المستوى الثانوي.
كان لطفاً وحبيباً وواصلاً. استمرت صلتنا فيما بعد أينما كنا. فقد جمعتنا الدراسة في الرياض، ثم في مكة (لفترة محدودة) ثم في الولايات المتحدة إلى أن عدنا فائزين بشهادة الدكتوراه. إلا أن الصديق صالح كان أكثر طموحاً مني بحيث أمده طموحه بقدرة فائقة على تنويع الدراسة، حيث درس في كل من كلية اللغة العربية (فيما أصبح فيما بعد الإدارة العامة للمعاهد العلمية والكليات، ثم جامعة الإمام محمد بن سعود) إلى جانب انتسابه إلى كلية الآداب في جامعة الملك سعود الذي أهله للقبول فيها انتسابه إلى المعهد العلمي السعودي في مكة المكرمة، حيث لم تكن شهادة المعاهد العلمية في ذلك الوقت مقبولة بجامعة الملك سعود والجامعات الأخرى في الدول المجاورة. مما دعانا صالح وأنا إلى أن نلتحق في السنة الخامسة في المعهد العلمي السعودي في مكة المكرمة في الأشهر الأخيرة من عام 1377هـ، حيث عاد إلى الرياض لمتابعة دراسته في كلية اللغة العربية منتظماً وكلية الآداب بجامعة الملك سعود منسباً.
بعد ذلك التقينا في ولاية متشيجان لدراسة الماجستير والدكتوراه. ثم بعد عودتنا (نحمل الدكتوراه) اشتغلنا في جامعة الرياض إلى أن أسعفه طموحه لأن يكون أميناً عاماً لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (التي كانت تسمى الإدارة العامة للمعاهد والكليات سابقاً).
ولم يفرط في الطموح والنشاط للرقي والتفوق، بل استمر حتى أصبح وكيلاً في وزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث أبدع فيما تولاه من مسؤوليات.
ثم التقينا - مرة أخرى - في مجلس الشورى بعد إعادة تكوينه عام 1414هـ، حيث كان عضواً في المجلس لمدة ثلاث دورات. إلى أن أراد الله أن نتبادل الكراسي حيث صار أميناً عاماً للمجلس عام 1426هـ وصرت أنا عضواً في المجلس في العام ذاته.
لكن الله سبحانه ابتلاه بمرض عانى منه الكثير إلى أن أخذ الله أمانته وتوفاه مساء يوم الاثنين 21-5-1429هـ رحمه الله رحمة واسعة، وضاعف له الأجر على ما عاناه من مرض أحد أبنائه (عبدالله) لمدة طويلة قبل أن يبتلى هو بالمرض الذي أدى إلى وفاته عندما دنا أجله.
أبو هشام (رحمه الله رحمة واسعة) كان رجلاً طموحاً بلا حدود ونشطاً بشكل ظاهر في حياته كلها، منذ أن عرفته، وإلى أن ودعته في قبره الذي أرجو الله أن يجعله روضة من رياض الجنة. ذلك أنه ابتلي بالمرض في آخر حياته لكنه كان صبوراً. وقد بشر الله الصابرين بالخير يوم القيامة، وحيث قامت قيامته فإنني أرجو الله أن يمنّ عليه لقاء ما قدمه لأهله ووطنه وأصدقائه، وفوق ذلك ما قدمه لنفسه طاعة الله واستجابة لندائه لعبيده بالصبر {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
ذلكم هو الصديق الصدوق الدكتور صالح بن عبدالله المالك الذي فقدناه زميلاً عزيزاً في كثير من الأماكن التي تزاملنا فيها. نرجو الله أن يغفر لنا وله وأن يعوض أهله وأبناءه خيراً وأن يجمعنا وإياهم في جنانه، إنه سميع قريب الدعوات.
عضو مجلس الشورى