في تقرير ألقاه وزير الثقافة والإعلام أمام مجلس الشورى يوم الاثنين 14-01-2008م.. قال بالنص: إن الإعلام في المملكة لم يكن طوال تاريخه إعلاماً مميزاً أو مؤثراً أو حتى فاعلاً.
وبحكم عملي في مجال الإعلام فقد توقفت عند هذه العبارة التي تستحق التأمُّل.. وعند تناول هذا التصريح الوزاري المسؤول بالبحث فسنجد أن الإعلام كما يعلم الجميع له جناحان الأول فكري تخطيطي والآخر وسيلة ناقلة لفكرة أو رأي.. بمعنى أن الإعلام حتى يكون مؤثراً أو فاعلاً لا بد أن يكون مخططاً لنشره أو بثه بالشكل الصحيح.. ومن ثم يأتي دور الفكر الذي يُراد نشره.. ونحن نعلم من الواقع المعاصر أن هناك أفكاراً خاطئة أو ضعيفة وبعضها هدّام تمّ نشرها وغسل الأدمغة بها.
وإذا اتفقنا أن الإعلام بكليته هو وسيلة لنشر الفكر وتوجيهه.. وإذا ثبت من التجربة أن ضعف التخطيط الإعلامي أكثر تأثيراً في مدى انتشار ذات الفكر المراد نشره لوجدنا أن الجناح الآخر للإعلام وهو كونه وسيلة ناقلة ما هو إلا ضحية للتخطيط الإعلامي.. بمعنى أنه لا يمكن إلقاء اللوم على الوسيلة التي تنقل المادة المطلوب إيصالها للمتلقي إذا تمَّ توجيهها نحو الجهة الخطأ فهي حتماً لن تصل.. ولو أخذنا قناة التليفزيون السعودي الثانية الناطقة باللغة الإنجليزية لوجدنا خير مثال على مدى تأثير ضعف التخطيط على الوسيلة الإعلامية.. وكيف أنها وكما وصف معالي الوزير كانت ومنذ تأسيسها وسيلة غير مميزة ولا مؤثرة ولا حتى فاعلة.
ولو أخذنا الصحف كمثال آخر.. فسنجد أن كل الصحف السعودية قد اكتفت بدورها الأساسي وهي أنها وسيلة نشر.. والمادة المنشورة يتحكم في توجيهها: إما المسؤول الحكومي، أو الكاتب، أو الصحفي المتابع.. أي أن التأثير فردي لا مؤسسي.. وليس للمؤسسة الصحفية أي تدخُّل مباشر موجه بجهد منظم للتأثير في تحقيق مصالح وطنية عليا أو لتحقيق أهداف جماعية محددة ومتفق عليها على المديين القريب والبعيد.
فالوسيلة الإعلامية بهذه الطريقة لا تسهم في تكوين اتجاه تفكير ولا تقوم بدور توجيهي ولا بناء رأي عام حتى يمكن أن تكون أحد الأذرع المهمة التي تستفيد منها الدولة والمجتمع من ورائها في سعيهم لتعديل المفاهيم والقيم المجتمعية المعيقة أو الخاطئة والمطلوب تعديلها.
الخلاصة أن الإعلام السعودي حتى يكون مميزاً ومؤثراً وفاعلاً كما يريد معالي الوزير فلا بد من أن يخطط لذلك أولاً.. وهذا ما نلمس حرص معاليه على تحقيقه منذ تسنمه لمنصب الوزارة.. نتمنى له التوفيق.