الرياض - حازم السند
ألقى الدكتور حمد بن ناصر الموسى وكيل كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود، محاضرة حول (مستقبل الصحافة في ظل الفضائيات)، بيّن فيها أن موت الصحافة المقروءة ما هو إلا نوع من الوهم، الذي تسوقه الوسائل الإعلامية الأخرى، متسائلاً عن دلالات الضجة الكبيرة التي أُحدثت جراء مثل هذه الأفكار، بينما لم نلحظ ما يشابهها حين ظهور التلفاز كمنافسٍ للمذياع، مشيراً إلى أن هذا دليل على رسوخ الصحافة، وثباتها في هذا العالم المتجدد كل يوم. بدأ د. الموسى محاضرته باستعراض لتاريخ الصحافة في العالم، خاصة العربي، ومدى ارتباطها بالحركات التحريرية والنضالية، كذلك خدمتها الدؤوبة للمشاريع الفكرية والثقافية، ومن ثم تحدث عن سيناريوهات مستقبل الصحافة المقروءة مناقشاً الآراء التي تزعم نهايتها، وتطرق لمظاهر الأزمة التي تهددها، ذاكرا منها، تناقص أعداد القراء، والنسخ الموزعة، كذلك انخفاض المردود الإعلاني. مما دفع إلى اختفاء عدد كبير من الصحف خلال مدة وجيزة. وتطرق د.الموسى إلى أن الصحافة المسائية والمجلات الأسبوعية أكثر المتضررين من هجمة الفضائيات.
كما أن المشكلة الكبرى التي تواجه الصحافة ككل، هو نمو الصحف الإلكترونية، والخدمات الإخبارية في الإنترنت، وهجرة الصحفيين والكتاب إلى الفضائيات والفضاء الإلكتروني. ومما راكم من الأزمة هو التوجه إلى الحل التجاري وفقا لصيغة ميردوخ التي تعتمد على أن تغير الصحيفة من هويتها من خلال التركيز على ثلاثة أسس: الجنس، الفضائح، والرياضة. بحيث تكون وجبة خفيفة، مما جعلها تضعف في مضمونها ومن ثم في دورها الاجتماعي. وثمة أمر يلحظ في أنها لم تعد تقوم بمسؤوليتها الاجتماعية المحتمة، فانقلبت على فكرة (السلطة الرابعة) والتي سمَّاها بالأسطورة، إلى شيء آخر يخدم رجال الأعمال أصحابها.. وقد طرح حلولا لمشكلة الصحافة وإعادة إحيائها، بأن تتجه إلى استثمار مميزاتها الاقتصادية الخاصة بها، وعليها أن تبتعد عن منافسة الوسائل الأخرى في ميادينها، وأن تلتفت إلى الدور الاجتماعي والفكري، فالصحافة مشروع فكري وليس ربحياً، وانقلاب هذا المبدأ هو من أهم ما عمَّق أزمة الصحافة في العالم كله.
كما أشار إلى أن الخبر لم يعد من لاعبي الصحافة المؤثرين، مشددا على أن الصحافة الحقيقية هي تلك التي تعكس المجتمع بكل أطيافه وأفكاره، لأن الرأي الواحد الذي تنتهجه أكثر الصحف اليوم يقودها إلى الضعف والانحسار، وأكد الموسى على التخصص، واصفاً الصحيفة المتخصصة بأنها (القابلة للحياة)، حينما تتوجه إلى جمهور معين أو جهة محددة، مبينا أن الصحف السعودية جميعها عامة، وليست تخصصية تخص منطقة بعينها، وهذا مضر لمسيرتها، مقترحا حلا لأزمة جريدة الندوة بأن تكون مخصصة لمنطقة مكة، تتحدث عنها بشكل خاص، وتنقل كل ما يهم سكانها، مؤكداً أن ذلك سوف يعيدها من جديد، ويزيد من توزيعها ونشر الإعلانات التجارية المحلية الخاصة بمنطقة مكة المكرمة.
وهذه الندوة هي السابعة التي يعقدها ملتقى الإعلاميين الشباب، وهو تجمع إعلامي شهري يقدم ندوات تناقش الإعلام وقضاياه في مختلف مستوياتها.