متأثرين بالنجاح الذي حققه اللبنانيون في الدوحة بعد توقيعهم لاتفاق مكنهم من انتخاب رئيس للبنان بعد أن ظل المنصب شاغراً لأكثر من نصف عام. يسعى الفلسطينيون لاستئناف الحوار بين الفصيلين الأكثر سيطرة على الساحة الفلسطينية، حركتي فتح وحماس، وتعمل أكثر من عاصمة عربية لإطلاق حوار جديد بين الفلسطينيين، بل امتد النشاط إلى دكار عاصمة السنغال التي ترأس منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث جمع الرئيس عبدالله واد وفدين من فتح وحماس في دكار حاول من خلاله إطلاق وساطة تعيد الوئام بين الحركتين من أجل إعادة تشكيل حكومة وطنية فلسطينية قوامها الحركتان، وبعد تشكيل الحكومة يأمل واد التحرك صوب تل أبيب لعقد اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل وقف فوري لإطلاق النار، يوقف إطلاق صواريخ حماس على الأراضي المحتلة، مقابل وقف التوغلات الإسرائيلية صوب الأراضي الفلسطينية وبالذات قطاع غزة.
دمشق ومن خلال رئاستها للقمة العربية تسعى هي الأخرى لتحقيق مصالحة بين الفصيلين المتناحرين، والتقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم بخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وبحث معه معالجة العقبات التي تحول دون تفاهم بين حركته وحركة فتح.
وينتظر أن تُستكمل الوساطة السورية بعد وصول الرئيس محمود عباس إلى العاصمة السورية بعد لقاءاته مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس المصري حسني مبارك حيث عرض للقائدين اللذين لهما جهود حثيثة لإكمال المصالحة بين الفلسطينيين، عرض عليهما الجهود الإسلامية والعربية لإنجاز مصالحة حقيقية بين الفلسطينيين، ودمشق تسعى إلى استثمار الأجواء الطيبة التي تسود أوساط الجانبين الفلسطينيّين، فبالنسبة لحركة حماس، ترى أن مشاركة حركة فتح والتعامل مع سلطة محمود عباس سيزيح عنها جزءاً كبيراً من أعباء إدارة قطاع غزة حيث أثقلت كاهلها إدارتها للقطاع والتوغلات الإسرائيلية الشبه يومية، والحصار الظالم الذي جعل أهالي غزة تحت حافة الفقر؛ فالتفاهم مع حركة فتح والسلطة سيزيح عن كاهل الحركة أعباء جسام وتجعل الطرف الفلسطيني الآخر يتحمل نصيبه من هذه الأعباء.
أما الفصيل الآخر، ونعني به حركة فتح، فإن الرئيس محمود عباس يشعر بإحباط كبير نتيجة عدم التزام إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية معاً بما التزموا به في مؤتمر أنابولس أواخر العام الماضي، كما أن وعد بوش بشأن إنجاز الدولة الفلسطينية أصبح أقرب للتبخر خصوصاً بعد تصريحات بوش في تل أبيب عند مشاركته في احتفالات إنشاء الدولة الصهيونية.
مرونة حماس وإحباط محمود عباس عاملان تحاول دمشق استثمارهما لإطلاق جولة جديدة لتحقيق الصلح بين الفصيلين.
وهكذا فإن الجميع يسعى لتحقيق صلح بين الفلسطينيين عرباً ومسلمين وأفارقة، وهو ما أشاع أجواءً من التفاؤل رغم أقوال إسماعيل هنية أمس الذي هوّن من فرص حصول مصالحة سريعة مع حركة فتح مرجعاً ذلك إلى اشتراط الرئيس محمود عباس إنهاء سيطرة حماس على غزة.
عموماً الخلاف على السيطرة على غزة ليس جديداً، وإحباط عباس أيضاً ليس بالجديد، ولكن مثلما ينبه المحللون بأن الجديد هو مرونة حماس ودخول دمشق على الخط لإنجاز مصالحة بين الفلسطينيين..!!
jaser@al-jazirah.com.sa