ليل والطريق إلى الشمال طويل..
وفيروز تغني..
حزنها يبللني كالمطر..
وآهاتها تتلوى موجعة..
وفيروز تغني..
(بحبك يالبنان)..
ولبنان يذبح..
يلعق الخراب جسده..
يستسلم لدوامة عاصفة..
وفيروز تضمه إليها..
تقبله في منطقه الوسط بين العين والعين..
ترحل به..
بعناد العناد..
تهرب به..
إلى شعاب الحلم وازدهار الحلم..
***
فيروز تغني..
(مافي حدا.. لاتندهي مافي حدا)..
مقطع رائع كالزهر..
لكن فيروز تبكي..
(شو؟)
وطنها مازال جريحا..
والغربان السود تغطي سماءه..
والبوم تنعق..
وصوت الرصاص يدوي..
و(الزعران) يمتطون الدراجات النارية ويطلقون
الرصاص على كل شيء متحرك نابض بالحياة..
***
هاهي فيروز معي وحيده تغني..
والطريق إلى الشمال طويل..
تناجي الليل يزداد سوادا..
تتذكر (الغسق) في الوقت الأخير..
انتشيت لهذه الفيروز..
وصفقت لها طويلا..
وكنت أتلاشى أمام كل مقطع تغنيه..
وكنت أحيي فيها حزنها ونرجسيتها الرائعة..
***
تدبك فيروز..
فيروز تدبك..
تلوح الجديلة تلو الجديلة..
الأرض تدور.. والأصوات الجبلية يتردد صداها..
وفيروز تغني وتردد (الميجنا والعتابا وأبو الزلف)..
***
فيروز تغني..
غناؤها صرخة وخطب احتجاج..
ترتدي ملابس الميدان..
تضع على رأسها خوذة..
وتحمل على كتفيها بارودة..
وفي يديها زهر أحمر..
تنثره في وجه بيروت..
وبين يدي المارة في أزقة الحي وشوارع المدينة..
***
فيروز صامتة منذ زمن..
إلا من بعض الأغاني القديمة الخالدة..
(جسر اللوزية، وسألوني الناس،
ومرئت الشتوية، وياداره دوري فينا،
والامطه عنبية، وياجارة الوادي)
فيروز هي الآن قابعة في مدينه الحزن..
راحلة دوما ما بين صقيع الوطن..
وغابات الليل.. والريح..
وجنون البشر.. والعصافير الخائفة..
فيروز..
مازالت حمامة تدشن الفضاء وتعود بالتصفيق
تشعل المصابيح..
وتنزرع برتقالة وعريشة عنب وأوراق توت..
ranazi@umc.com.sa