البيت العربي يعيش حالة من الضعف والخلافات الهامشية وغير العقلانية وهذه الفترة الزمنية التي نعيشها تتميز بالأهمية البالغة والشيء الكثير من الخطورة إقليمياً ودولياً. فأعداء أمتنا العربية استغلوا وبذكاء عميق تنشيط الفرقة وإشعال أسبابها بين مفردات العائلة العربية لتمرير مشاريعهم الخبيثة والهادفة بعرض مشاريع سياسية واقتصادية لتوسيع هوة الفرقة محاولين وبجهد حثيث للوصول بها لمرحلة الجفاء والعداوة.
وقد أدركت قيادتنا الوطنية العليا وبحكمتها وإخلاصها لأمتنا العربية والإسلامية خطورة هذه الأهداف السلبية كنتائج لهذه المخططات العدوانية التي تسعى لتوسيع التمزق العربي وتحملت المسؤولية بأمانة عالية للملمة الشمل العربي وتنظيف هذا البيت من الشوائب المتراكمة من الخلاف العربي العربي في مجال قضايا وقتية يمكن تبديد غيومها بروح أخوية صادقة تغلب المصلحة العربية العليا على كل خلاف طارئ.
العالم العربي يتعرض وبقسوة لحالة من الهجمات الإقليمية والعالمية وأطماعهم بثروات أمتنا الكثيرة ولله الحمد، ففي القرن الحادي والعشرين عصر الثورة التكنولوجية والعولمة والتكتلات الاقتصادية والسياسية الكبرى مستغلين فرقته وتباعده عن مكوناته الوطنية والإقليمية وفي بلادنا المملكة العربية السعودية انطلقت دعوة التضامن الإسلامي ورفع رايتها شهيد القدس الفيصل أسكنه الله فسيح جناته لما قدمه لأمته العربية والإسلامية من مكاسب وطنية وقومية لا حصر لها مدركا بحكمته وتجربته السياسية الواسعة المشاكل المستقبلية المنتظرة للأمة الإسلامية والتي نعيشها في زماننا هذا بعد تفكك وحدة الرأي والقرار في مراكز الحكم للقيادة الإسلامية. وفي بلادنا أيضا رفع صقر العروبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله راية التضامن العربي داعيا توحيد الصف والعمل الجاد نحو التوحد والقوة للوصول لمستوى القرار الواحد أمام كل القضايا المصيرية التي يعيش آلامها وقسوتها شعبنا العربي الآن.
فالقضية العربية الأولى - مشكلة فلسطين - تعيش حالة من التأخر وعدم وضوح القرارات الإستراتيجية للوصول إلى حل نهائي سلمي وعادل والعداء حتى التقاتل بين ممثلي شعبنا الفلسطيني - فتح وحماس - وقد نسوا عهدهم المقدس في رحاب البيت الحرام وبرعاية سعودية عليا، فقبل أن ينشف حبر الوثيقة توجه السلاح الفلسطيني موجها هذه المرة نحو الصدر الفلسطيني الشقيق. والملف اللبناني المشتعل طيلة سنين بين الأخوة أيضا الموالاة - المعارضة وكلهم لبنانيون يصرخون بحبهم لأرزة لبنان وفي الكواليس يتحولون لأعداء أنفسهم ولبنان، وقد نجحت الجهود العربية مجتمعة والممثلة بحلول الجامعة العربية والتي ولله الحمد (ولأول مرة) تصل إلى اتفاق الدوحة وبجهود عربية خالصة صنعت بعقول عربية ونفذت بأيادٍ عربية لنصرة الشقيق المشتعل لبنان وعادت المياه الشقيقة لتروي أرزته الخضراء وترجم سمو سيدي ولي العهد بتصريحه لصحيفة (أي. بي. سي) الإسبانية قائلا حفظه الله:
(انطلاقا من رغبة السعودية في أن يسود أمن واستقرار الدول العربية الشقيقة كافة فقد وقفت المملكة ولا تزال مع لبنان منذ استقلاله في كل الظروف وآزرته واستمراراً لجهودها في إبعاد لبنان عن شبح الحرب الأهلية بذلت المملكة كل ما تستطيع ضمن الجهد العربي المشترك لدعم حوارات ولقاءات الدوحة بين الأطراف اللبنانيين وإضافة إلى الجهود المشكورة التي بذلتها دولة قطر فقد أسهم مجلس جامعة الدول العربية واللجنة العربية المشكلة بناء على توصية من مؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي عقد بهذا الخصوص في القاهرة بدعوة من السعودية ومصر في التوصل إلى ذلك الاتفاق.
وكما هو معروف فقد أسهمت المملكة في خروج لبنان من حرب أهلية من خلال التوصل إلى اتفاق الطائف وليس بمستغرب أن تكون المملكة قريبة من اللبنانيين وتبذل الجهود للمساعدة في تجاوزهم لخلافاتهم).
ولا ينسى أي عربي مخلص على البيت العربي ووصوله لحالة من الصفاء والاتفاق الأخوي أمام القرارات الإقليمية والدولية والتي تمس مستقبله السياسي والاقتصادي ما بذله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في جهود متواصلة لدفع العالم العربي نحو المصالحة وتوحيد القرار منذ تاريخه السياسي المشرف فقد بدد كل غيمة سوداء غطت العواصم العربية، فجولاته المباركة بين بغداد ودمشق وعمان لتوحيد الصف العربي لا تنسى أبدا وكذلك إفريقيا، فمحاولاته الناجحة لتصفية الأجواء الأخوية سياسيا واقتصاديا بين إرتيريا والسودان والصومال وتعدت لشمال القارة السوداء ومساعيه حفظه الله بين المغرب والجزائر وموريتانيا في مبادرات لحل مشاكل الحدود وقضية الصحراء الكبرى.
وقد أطلق سيدي ولي العهد حفظه الله نداءه الصادق لتصفية الأجواء العربية من كل خلافات شكلية حين قال سموه حفظه الله: (العرب اليوم ولله الحمد والمنة في غنى عن كثير من الأمور بفضل ما منّ الله عليهم من خيرات ونعم تجعلهم يعطون ودائما يعملون الخير وأن أول شيء علينا هو طاعة الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته ثم لخدمة أمته المؤتمنين على خدمتها. الأمر الثاني الأمة العربية اليوم تشكل ثقلا كبيرا في العالم لما عندها من مبادئ وقيم وخبرات فالواجب علينا قبل كل شيء تصفية الجو العربية الذي يكون فيه أحيانا نوع من التشويش وهذا يحصل بين أفراد الأسر في البيت يعني لا نخشى الخلافات الشكلية إطلاقا بالعكس أنا دائما أكون ممنونا لسفرائنا لأنهم في خارج الأمة العربية يمثلون الوحدة العربية يمثلون التلاحم العربي لذلك قضيتنا قضية واحدة ولا يوجد قضية لأخ وأخيه ضد الثاني أما في قلب الأمة العربية فنجد خلاف الإنسان بين أولاده وذريته في بيته فهي خلافات غير جوهرية.
تحية تقدير وإجلال للقيادة السعودية المخلصة ترفعها كل الأمة العربية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله لجهودهم الخيرة المباركة لتوحيد الصف العربي.
* محلل علامي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية
- هيئة الصحفيين السعوديين