هناك مسابقة شعرية تقام في أبها البهيّة، وهي سباق بين شعراء العامية في معنى من المعاني الشعرية، بحيث يعطى الشاعر معنى راقياً ينسج على منواله مع شاعر آخر، فتحكم اللجنة بجودة الشعر وتفوقه أو بالعكس، وهذا النهج كان معروفاً عند الشعراء قديماً وحديثاً.
ميزة هذه المسابقة أنها ركزت على الإنسانية والوطن، وحاولت أن تصهر الشعراء في مفهوم أشمل وأجمل من مثيلاتها التي جعلت من القبيلة مصّاصة لرحيق النقود التي في جيوب السذج منها عبر الشاشات دون النظر لاعتبارات أخرى تهم الأمة.
وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير عرف عنه تبنيه للشعراء وتشجيعهم من مبدأ أن الكل للوطن عامة، وكان ذلك من قبل أن يعرف الناس رسائل الشاشات التي استغلتها القنوات الشعبية، وصار للمغترة شأنها وعقلانية طرحها، وبعدها عما يثير الحساسية بين الناس، وصارت لها شعبيتها ووقتها المعروف، وقد أخرجت جيلاً من الشعراء العقلاء ما زال لهم الحضور الراقي، وهذا سبق يسجل لسموه بوقت طويل قبل الإعلام وتبني القنوات للشعراء من أجل المادة والظهور والدعاية. وقد اطلعت على أن القائمين على المسابقة مشكورين قد ألغوا نتيجة أحد الشعراء الذي ركز على أشياء تجيزها المسابقات الخارجية، وذلك تبعاً للمألوف لدى البعض وليس طبعاً تعمداً منه؛ لكنه عرف عند غيرنا لا عندنا، بينما لا محل لها هنا تحت عناية هذا الأمير الواعي جداً، الذي امتعض من هذا النهج؛ لأن للمسابقة النهج المرسوم بحزم وقوة وعقل.
وقد عرف أن سموه لا يقر مثل هذا الخروج، والتغريد بشكل منفرد بعيداً عن الكل، وقد عرفنا جيداً محبة سموه للوطن وكل أهله بمختلف شرائحهم دون تمييز أو تفضيل أو تقليل للآخرين.
وهذا النهج لقي استحساناً من الحاضرين والذين عرفوا تفاصيل الحادثة فيما بعد، وهي حسنة تضاف إلى ما يقوم به سموه من جمع اللحمة وتشجيع الشعراء، ولكن دون أن يكون هناك ما قد تعوّد عليه الشعراء بحكم التغذية التي اعتادوا عليها من المسابقات الخارجية، التي هدفها جمع المال فقط؛ لأن هذه المسابقة مسابقة راقية جداً وتصب في خضم وطن وأمة لا غير، وكون سمو الأمير الذي هو تبنى هذا الفكر القويم والنهج العقلاني، فلا بد أن نسجل الإعجاب والتقدير لهذا التصرف الذي نرجو أن ينهجه كل من يشرف مسابقة مثل هذه؛ بحيث يرقى بحس الشعراء إلى أفق متنوع وجميل دون الدوران في حلقة ضيقة جداً، وبحيث لا تقر التجاوزات التي قد تأتي سهواً دون عمد أو ترصد من الشاعر.
فاكس: 2372911