Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/06/2008 G Issue 13046
الثلاثاء 13 جمادىالآخرة 1429   العدد  13046
نوافذ
الرفض
أميمة الخميس

نسبة كبيرة من مشاعر النفور والرفض للجديد أو الغريب أو المخترق للنمطي والمتعارف عليه، تعود في مجملها إلى الخوف، الخوف البشري الذي يقبع في أعماق النفس البشرية، ومرده التوجس من هذا الجديد وهويته وكنهه, هل هو مسالم إيجابي، أم عدواني سالب؟

قد يندرج في هذا الإطار بعض الأصوات التي نسمعها من الميدان الآن في فترة الاختبارات بالتحديد بعد أن ألغت وزارة التربية والتعليم مركزية الاختبارات، واستبدلتها باستقلالية وثقة تمنح لكل مؤسسة تعليمية على حدة، ومن خلالها أدوات قياس متعارف عليها تربوياً لتقيس المخرجات بصورة مستقلة.

الميدان الذي اعتاد أن يأخذ غفوة أثناء فترة الاختبارات النهائية، ويُوكل أمر شهادات الثانوية العامة إلى لجان خاصة، لا يريد أن يقلق تلك المساحة الهادئة التي اعتاد أن يغط بها.

على الرغم من أن الاختبارات المركزية في السابق كانت تعكس الكثير من السلبيات على المستوى التربوي، فقد كانت تحصر تقييم الطالب وقدراته وتحصيله المعرفي بالاختبار فقط، وتجعل منه وسيلة قياس وحيدة، بينما بات من المعروف أن أسلوب الاختبارات لا يُمثِّل سوى جزء ضئيل من التقويم، وعلامة الاختبار أيضاً لا تعكس سوى 30% من تحصيل الطالب طوال العام.

هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى كنا نجد أن لجان الاختبارات المركزية كان يصاحبها هدرٌ في الطاقات البشرية والمادية على مدى أعوام طويلة كل عام دون أن ينعكس هذا الهدر إيجابياً على العملية التربوية.

وعلى الرغم من هذا كله كنا نسمع بتسرُّب سنوي للأسئلة على الرغم من التدابير الاحترازية الكبيرة في هذا المجال.

إلغاء مركزية الاختبارات هي خطوة إيجابية كبيرة تتناسب مع الطموحات التي يسعى لها المشروع الإصلاحي للتعليم في المملكة، فلم يعد مجدياً مقاربة المعرفة عبر المفاتيح القديمة، المعرفة والتدريب لم يعودا مواد سائلة تصب من وعاء إلى أدمغة الطلبة، وتبقى هناك سائلاً رجراجاً لا يحقق للطالب أي خبرة أو ينعكس إيجابياً على مستقبله وقدراته.

بعض الجهات في الميدان التربوي التي تطلق صيحات التذمر والرفض لإلغاء مركزية الاختبارات، هي تعكس أسلوب الأدمغة النمطية المقولبة داخل كسلها وعجزها عن اختراق أسقفها الضيقة التي اعتادتها عبر عشرات السنين.

إلغاء مركزية الاختبارات هي ليست فقط خطوة كبيرة نحو التخلص من السلبيات التي كانت ترافق الاختبارات المركزية في الماضي، بل هي أيضاً خطوة إيجابية نحو تفكيك المركزية المعرفية والاستئثار بصناعة القرار على المستوى التعليمي بشكل يتقاطع مع شروط ومفاتيح المعرفة ومهارات الاتصال التي تتطلبها الأوعية المعرفية الحديثة، ولو أن البشر عبر التاريخ أصاخوا السمع إلى الذين يرفضون الاكتشاف والتغيير والتجديد، لكنا جميعاً ما برحنا نسكن الكهوف ونقطن الغابات.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد