«الجزيرة» - نواف الفقير
أصدرت إدارة الإحصاءات العمالية التابعة لوكالة وزارة العمل للتخطيط والتطوير تقريراً شاملاً لجميع ما يتعلق بالعاملين بمنشآت القطاعين الحكومي والخاص، وكذلك أعداد العاطلين من الشباب المؤهلين للتوظيف.
واشتمل التقرير، الذي حصلت (الجزيرة) على نسخة منه، نسبة العمالة المقيمة في المملكة، والمهن التي يزاولونها، وكذلك نسبة السعودة المطبقة في القطاع الخاص، والإشكاليات التي تواجهها وزارة العمل مع منشآت القطاع الخاص في تطبيق السعودة.
وقدّم التقرير تقييماً لوضع سوق العمل؛ حيث بلغ إجمالي قوة العمل السعودية 4.054.845 مليون فرد في عام 1428 هـ منهم 83.1% ذكوراً و 16.9% إناثاً.
تركيبة سوق العمل
وأشار التقرير إلى أن تركيبة سوق العمل متكونة من عمالة وطنية وعمالة وافدة ومصاحبة.. وارتباط تواجد العمالة الوافدة بالحركة الإنمائية والتداعيات المرتبطة بجهود التنمية وتنامي نشاط القطاع الخاص؛ فقد أفرزت هذه التركيبة عدداً من الاختلالات كان أبرزها ارتفاع نسبة العمالة الوافدة من مجموع العمالة المدنية؛ حيث بلغت النسبة أكثر من 60%، وارتبط معظم هذه العمالة بالقطاع الأهلي؛ حيث بلغت نسبتهم 96.5% و 3.5% في القطاع الحكومي.
ونوّه التقرير إلى أن العمالة الوطنية كان أمامها خياران في التوظيف، وهما القطاعان الحكومي والخاص، وكان القطاع الحكومي هو الأكثر قبولاً للتوظيف؛ لما يتمتع به من مزايا عديدة أبزرها الأمان الوظيفي وأيضا قلة عدد ساعات العمل وكثرة أيام الإجازة سواء الأسبوعية أو السنوية، وهذه المزايا قادت إلى جعل المواطن السعودي يفضل العمل الحكومي ويعزف عن وظائف القطاع الخاص.
الاستقدام واختلالات
سوق العمل
وكشف التقرير أن الاستقدام الكثيف والمستمر للعمالة يعتبر السبب الرئيسي لاختلالات سوق العمل ومشكلة البطالة، وكانت عمليات الاستقدام المكثفة بسبب قلة أجور أغلب العمالة وأيضا بسبب إقامة بعض المشروعات في القطاع الخاص وفق جدوى اقتصادية مبنية أساساً على توظيف العمالة الوافدة ذات الأجور المنخفضة؛ ما قاد في النهاية إلى انتشار التستر والعمالة الهامشية التي يعرف عنها بأنها عمالة غير مؤهلة ومدربة.
ويضيف التقرير أن المشاريع البسيطة ساعدت في تراكم عمالة هائلة؛ حيث تزايدت النشاطات الهامشية البسيطة مثل المغاسل ومحلات الحلاقة والسباكة والبقالات الصغيرة.
وانتشار هذه النشاطات أدى إلى وجود فائض في العمالة الهامشية؛ ما أسفر عن ظهور العديد من المساوئ والسلبيات سواء على الصعيد الاجتماعي أو الأمني وكذلك الاقتصادي؛ حيث بلغت تحويلات العمالة في عام 2006 وفقاً لتقرير مؤسسة النقد العربي السعودي 54.7 مليار ريال.
وواصل التقرير تقديم أبرز المشاكل التي تواجه السياسات التوظيفية؛ حيث تطرق إلى أن مشكلات التوظيف ترتبط بمسألتين رئيسيتين هما فتح فرص التوظيف للعمالة الوطنية والمسألة الأخرى هي ترشيد استقدام العمالة الوافدة.
وفي سبيل الحد من هذه الإشكاليات والقضاء عليها نوّه التقرير إلى أن وزارة العمل سائرة في إنشاء المركز الوطني للتوظيف بمشاركة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وصندوق تنمية الموارد البشرية كآلية مهمة لتسريع عملية توطين فرص العمل وزيادة مساهمة عنصر العمل الوطني في العملية الإنتاجية.
وحول هذا الموضوع أوضح أحد أرباب العمل في القطاع الخاص وهو مسلط العجرفي المدير العام لمجموعة المشروعات الوطنية أن وزارة العمل تعمل على تحقيق التوازن في توظيف المؤهلين من الشباب السعودي في سوق العمل، وفي نفس الوقت تقدر حاجة السوق للاستفادة من العمالة المدربة والمهيأة التي تشغل الوظائف التي تتطلب تواجد العمالة.
ويضيف العجرفي ل(الجزيرة): هناك إشكاليات تحد من توطين الوظائف، هذه الإشكاليات تكون أسبابها مشتركة بين الشباب المتقدم للحصول على وظيفة وأيضاً المنشآت الخاصة. هذه الإشكاليات تتضح بوضع منشآت القطاع الخاص مزايا ورواتب لا تتوافق مع طموح الشاغل للوظيفة، أيضاً هذه الرواتب يتم وضعها بآلية لا تتوافق مع طبيعة الوظيفة.
أما فيما يتعلق بالشباب السعودي فهو يرفض جميع الوظائف التي تكون برواتب متدنية، كما يرفض الوظائف التي تتطلب عملاً ميدانياً.
ويضيف العجرفي: للحد من هذه الإشكاليات يجب أن يتم إنشاء جهاز حكومي أو لجنة لضبط عملية التوظيف في القطاع الخاص، خصوصاً في عملية الرواتب أو المكافآت الموضوعة للعديد من الوظائف؛ حيث يكون هنالك توحيد بين جميع المنشآت والمؤسسات والشركات، وبالتالي سيكون هنالك قبول تدريجي لدى الشباب في الموافقة على الوظائف، وفي نفس الوقت تمنع ما نشاهده في بعض المنشآت باستغلال عدم شغل هذه الوظائف بالشباب السعودي واستقدام عمالة ترضى بالرواتب المتدنية.
ويتابع العجرفي: حينما تقارن سوق العمل في المملكة بالدول المجاورة تجد أن سياسة التوطين للوظائف في المملكة هي سياسة متقدمة، وقد تكون الأولى؛ لذا ما يطرح من تقليل لجهود وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية في التوظيف نجده يتنافى مع ما يقدم.
من جهة أخرى حذر المهندس وليد فايح العتيبي مدير مشاريع واستشارات من أن لجوء بعض الشركات والمؤسسات إلى استغلال عزوف الشباب عن التوظيف في بعض الوظائف المتاحة سيتسبب في خلق فجوة واسعة بين السياسات الاستراتيجية الموضوعة للتوظيف والقضاء على البطالة.
ويضيف العتيبي أن قرابة الـ500 ألف وظيفة من الممكن أن يتم فيها إحلال وتوطين للشباب السعودي، مؤكداً أن جشع إدارات وملاك هذه المنشآت قادت إلى وجود معاناة وصعوبة أمام وزارة العمل في تطبيق السياسات والأنظمة تجاه تطبيق السعودة.
ودعا المهندس وليد إلى ضرورة أن تعيد منشآت القطاع الخاص النظر في سياساتها التوظيفية وتغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
العاملون في منشآت القطاع الخاص خلال العام الماضي
أوضح التقرير أن أعداد العاملين في القطاع الخاص قد بلغ 5.826.856 مليوناً، كان منهم 5.678.806 ملايين ذكوراً و148050 أنثى، وقد بلغ عدد السعوديين من هذا العدد 714565 من الذكور و51056 من الإناث، وكانت الأعداد الباقية للعمالة الأجنبية 4.964.241 للذكور، والإناث 96994. وهذه الأرقام تكشف الفرق الشاسع في الحيز الذي تشغله العمالة الأجنبية في وظائف القطاع الخاص.
العاملون غير السعوديين
في القطاع الحكومي
بلغ إجمالي عدد العاملين الأجانب في القطاع الحكومي خلال 2007م 126795 من الذكور و59799 من الإناث.
التأشيرات الصادرة للقطاعين الحكومي والخاص
وأبان التقرير: على الرغم من اتهامات بعض الإدارات الحكومية ومنشآت القطاع الخاص لوزارة العمل بتعقيد إجراءات استخراج التأشيرات إلا أن الأرقام توضح الارتفاع الواضح في عدد التأشيرات الموافق عليها والممنوحة للقطاعين الحكومي والخاص، وقد كشفت الأرقام أن التأشيرات الصادرة للعمل في القطاع الحكومي في 2005 قد بلغت 32034 وفي عام 2007 بلغت 51935، أي أن معدل الموافقة على استخراج التأشيرات قد بلغ نسبة 62.1%، أما في القطاع الخاص فقد بلغت التأشيرات المصدرة للقطاع الخاص 425.639 للعام 2005م، وفي 2007 بلغت التأشيرات 1.212.698 تأشيرة، وبالتالي فإن الفرق قد بلغ 184.9 %. أما التأشيرات الممنوحة للعمالة المنزلية في 2005 بلغت 339.985، وفي عام 2007 بلغت 445.106 أي النسبة قد ارتفعت بـ30.9%.
والمتابع لهذه الأرقام يجد أن هنالك زيادة كبيرة في حجم التأشيرات الصادرة للعام 2007 لصالح القطاع الخاص نتيجة الطفرة التي تشهدها المملكة في المشاريع التنموية والحيوية التي أصبح القطاع الخاص شريكاً أساسياً في عملية التنمية بها.
مزايا التوظيف للقطاعين الحكومي والخاص
وبحسب التقرير فإن الوظيفة تشكل هاجساً كبيراً لدى العديد من الشباب السعودي الذي يتطلع إلى الظفر بوظيفة تحقق له أحلامه وطموحه، وقبل ذلك وظيفة تتناسب مع مؤهلاته العلمية.. ولعل وجود وظائف متدنية الأجر ساهم بعزوف أغلب الشباب عن شغل هذه الوظائف؛ ما أدى إلى استمرار توجه القطاع الخاص لإحلال العمالة الوافدة. ولكن السؤال الذي يطرح هنا: ما الفرق بين العمل في القطاع الحكومي والعمل في القطاع الخاص؟ الإجابة عن هذا السؤال كانت عبر ما نشر عبر وكالة التخطيط والتطوير التابعة لوزارة العمل؛ فقد قدمت الوكالة مقارنة بين العمل في القطاعين أسفرت عن أن الموظف في القطاع الخاص يعمل بساعات عمل أكثر من موظف القطاع الحكومي؛ فعلى مستوى العمل اليومي نجد أن موظف القطاع الخاص يعمل ساعة إضافية أعلى من القطاع الحكومي؛ ما يعني أن الفرق على مدى الأسبوع 13 ساعة خاصة أن القطاع الخاص يتمتع بإجازة أسبوعية تبلغ يوماً واحداً فقط.
وأوضح تقرير الوكالة أن القطاع الحكومي يحظى بمزايا تجعل الراغب في العمل يحرص على بحث وظيفته في القطاع الحكومي، ومن أبرز المزايا هي الوجاهة الاجتماعية والأمن والاستقرار الوظيفي ووضوح الرؤية بشأن المستقبل الوظيفي والضمانة التي يوفرها نظام معاشات التقاعد عند نهاية الخدمة.
ساعات العمل في القطاعين الحكومي والخاص
ساعات العمل في القطاع الحكومي بالمملكة تعادل الحد الأدنى لساعات العمل الأسبوعية على مستوى نظام العمل في العالم. كما يحظى موظفوه بإجازة سنوية أطول مما هو متعارف عليه على المستوى العالمي. في المقابل نجد أن ساعات العمل في القطاع الخاص تعتبر من أعلى المستويات على النطاق العالمي، كما أن الإجازات السنوية له تتفق مع ما نسبته 53% فقط على المستوى العالمي.