تصوّر أنك في مكتبك ويأتيك اتصال من أم أولادك لتخبرك بأن ابنتك التي أنهت اختباراتها لم تُعطَ نتيجتها، بل إنها قيد الإقامة الجبرية!! هذا في تصوري ما حصل في بعض البيوت في جدة، عندما احتجزت مديرة إحدى المدارس الأهلية بعض الطالبات اللاتي لم يسدد أولياء أمورهن رسوم التسجيل.
لا تهمني نتيجة التحقيق العاجل الذي فتحته إدارة تعليم جدة للبنات مع المديرة (القوية) في نظر مالك تلك المدرسة الأهلية وغيره من بعض ملاك المدارس الذين تجاوزوا حدود العقل في التعامل مع عملاء مدارسهم، لا تهمني نتيجة التحقيق لأنني أكاد أجزم أن المناخ الذي ولدت فيه هذه المديرة ومثيلاتها هو السبب وراء ما حصل وما سيحصل في ظل غياب الأنظمة الصارمة لتلك المدارس الأهلية وتقييمها بشكل دوري يضمن للمواطنين معرفة الصالح والطالح منها، ويضمن أيضاً خلوها من العينات البعيدة عن ممارسة العمل التربوي المتعارف عليه في مدارسنا.
أجل هل يعقل أن تحتجز طالبات بريئات من تقصير أولياء أمورهن في المدرسة ويجدن أنفسهن في لحظة النجاح قيد الإقامة الجبرية داخل أسوار المدرسة، والسبب أن أولياء أمورهن لم يدفعوا رسوم التسجيل لتلك المدرسة؟!
أود فقط أن نتأمل جميعاً الطقس المأساوي الذي عاشته تلك الطالبات، وكم هي مساحة الألم النفسي الذي حصل لهن من جراء هذا التصرف من تلك المديرة التي أرادت بتصرفها أن تستعرض قوتها على طالبات ضعيفات لتحرمهن من فرحة النجاح بسبب تقصير أولياء أمورهن، بل وتتسبب في إيذائهن بحرمانهن من الاحتفال بلحظات النجاح المهمة لهن أمام زميلاتهن، وكم من نظرة شامتة حصلت لهن من زميلاتهن في يوم فرحهن بالنتيجة.. والذي أعرفه أن هناك أكثر من وسيلة صحية وحضارية تستعملها إدارات المدارس الأهلية في معالجة تقصير ولي الأمر في دفع الرسوم المستحقة. والسؤال لإدارة تلك المدرسة الأهلية الحريصة على حقوقها: لماذا تأخروا في التعامل مع هذه المشكلة حتى تحولت إلى شكل من أشكال الإيذاء النفسي للطالبات أخيراً؟ أليس هذا التصرف سينجم عنه الكثير من النتائج السلبية في حق تلك الطالبات وأسرهن؟ ألم يكن من الأفضل حجز الشهادات وعدم تسليمها للطالبات إلا بتسديد أولياء الأمور المستحق عليهم من رسوم للمدرسة؟