تواجه صناعة الإعلام العربي اليوم متغيرات سريعة وكبيرة، فمنجزات التكنولوجيا الرقمية أتاحت للمواطن العربي ولأول مرة في حياته أن نتج إعلامه الشخصي فأصبح لافتاً للنظر حجم الانتشار الكبير للمدونات العربية الشخصية، حيث يتاح لأصحابها كتابة ما يريدون من مواضيع وينقلون فيها ما يشاؤون من الأخبار والصورة والأحداث والتعليقات.
فالجوال المزود بالكاميرا والإنترنت أتاح للناس صنع إعلامهم الشخصي وهو الإعلام الذي أصبح منافساً حقيقياً للإعلام التقليدي المعروف من صحف ورقية وراديو وتلفزيون.
ولعل ما تناقلته الأخبار منذ فترة في كثير من البلدان العربية عن قدرة هذه المدونات في نقل أحداث لا يستطيع الإعلام التقليدي التعرض لها هو مثال حي للتأثير الكبير الذي أصبحت تمارسه عبر الشبكة العنكبوتية تجاه المواطن العربي إلى الإعلام كمنتج وليس كمستهلك فقط سوف يحدث دون شك آثاراً واسعة في المستقبل القريب..
فمن جهة سوف يسهم في زيادة تفاعل المواطن العربي مع قضايا مجتمعه بحيث يكون له رأيه الذي يطرحه ويعبر عنه عبر هذه الوسائل وبالتالي سوف تتقلص مساحة الصمت السائدة في العالم العربي بشكل كبير. وفي الجانب الآخر سوف تؤدي المنافسة الشديدة لهذا الإعلام إلى الضغط بقوة على الإعلام التقليدي لكي يطور من مستواه وأدائه ويحاول الاستفادة من هذه المعطيات بشكل صحيح ومن ثم يوظفها لصالحه.
ورغم أن الإعلام التقليدي يرى في هذا الإعلام الجديد تحدياً جديداً ومشكلة أخرى تضاف إلى مشاكله الأخرى التي يعاني منها وهي كثيرة إلا أنه في الوقت ذاته يرى فيها إمكانية واسعة للتفاعل الإيجابي مع هذا الإعلام الجديد، وما اتجاه كثير من الصحف العربية مؤخراً نحو إنشاء مواقع إلكترونية لها على الشبكة العنكبوتية إلا اعتراف منها بأهمية المنافس الجديد والذي يرى كثير من الخبراء إلى أن هذا الإعلام سوف ينتشر في السنوات القليلة القادمة بشكل كبير وأنه سيحدث تحولات كبيرة وجذرية في مسيرة الإعلام العربي.
وليس للإعلام التقليدي لكي يستمر وينافس إلا أن ينتهج سياسات إعلامية جديدة تضع في اعتبارها تقديم خدمات إعلامية جديدة وبمواصفات جديدة تلبي احتياجات القارئ والمشاهد والمستمع في عصر الإعلام الشخصي.
أما بالنسبة للإعلام الشخصي (المدونات) فحتى يؤدي دوره بشكل صحيح فمن المهم أن يعمل وفق ضوابط وخطوط عامة تراعي المصلحة العامة قبل أي اعتبار آخر وأن يبتعد عن صنع الإثارة لمجرد الإثارة وأن يعمل على إشاعة ثقافة الحوار الهادئ والمتوازن في المجتمع العربي وأن يراعي الأخذ بالأولويات في خطابه الإعلامي.
مستشار إعلامي