مع إعلانها الجريء ببلوغ رقم توزيعها اليومي لشهر يونيو رقم 131 ألف نسخة، وتوثيقها ذلك بخطاب رسمي مقدم من الشركة الوطنية للتوزيع، تكون صحيفة الجزيرة قد خطت خطوات متقدمة للأمام بكل ثقة متجاوزة الصحف المحلية الأخرى بجرأتها وسبقها الصحفي الذي لم تسبقها إليه أي صحيفة أخرى. كما أنها لم تكتفِ بالإعلان فقط من خلال نسخها بل أعلنت ذلك من خلال الصحف المنافسة لها. فنحن حالياً نعيش في عصر الاحترافية والشفافية في العمل؛ حيث انتهى زمن إخفاء الحقائق وتضليل الآخرين ببعض المعلومات المغلوطة غير الموثوقة.
وأنا هنا أشيد بتلك الخطوة الجريئة الذكية ليس بصفتي أحد كُتّاب هذه الصحيفة بل بحكم تخصصي في حقل التسويق والإعلان؛ فالشركات التجارية والوكالات الإعلانية تحرص كثيراً على معرفة رقم التوزيع لكل صحيفة لكي تبني على أساسه خططها الإعلانية وتوجهاتها المستقبلية لكبار عملائها من المعلنين والشرائح المستهدفة للإعلانات؛ فالدراسات التي تقدمها بعض مراكز الأبحاث (الهادفة للربح) التي تعلنها بعض الصحف في الغالب تفتقر إلى المصداقية؛ حيث تُبنى أرقامها على تخمينات وتوقعات غير مؤكدة ولا يمكن الاعتماد عليها كما هي الأرقام التي تأتي من الشركة الوطنية للتوزيع التي أرقامها مؤكدة وموثوقة. وقد يعارض آخرون بأن رقم التوزيع ليس هو المقياس الوحيد؛ فقد يكون بعض ما يتم توزيعه بالمجان، إلا أن ذلك في حقل التسويق يعد من ضمن المبيعات وما يتم توزيعه بالمجان أو من خلال عروض ترويجية يحمل على ميزانية التسويق والإعلان. وبسبب غياب حجم الأرباح المعلن من الصحف فمن الصعب كذلك الحكم على من يتربع سلم الترتيب من الصحف.
وأتفق تماماً مع دعوة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة بدعوة الصحف الأخرى إلى نشر أرقام توزيعها؛ فلا أعلم ما سبب عدم قيام الصحف الأخرى بذلك؛ فالإعلان سيخدم الجميع، الصحف نفسها والمشتركين والمعلنين. والسؤال: هل تقدم الصحف الأخرى على نشر أرقام توزيعها بكل أريحية أسوة بالخطوة الجريئة التي أقدمت عليها صحيفة الجزيرة؟ هذا ما نتمناه جميعاً؛ فلغة الأرقام دائماً هي التي تتحدث بدلاً من الرسوم البيانية والأشكال الجمالية التي نراها بين حين وآخر، والتي تفتقر للمصداقية والموثوقية.
Fax2325320@ yahoo.com