إن تعاملنا مع الآخرين يبنى على أمور عديدة منها: الانسجام، والتسامح، والتفاهم. فإذا وجدت هذه العوامل وجدت علاقات مستمرة وناجحة. فإذا أردنا أن نفهم الآخرين لا بد من أن نفهم أنفسنا أولاً وماذا نريد من الآخرين. وإذا أردنا أن نصل إلى قلوبهم سريعاً لا بد أن نراعي حاجاتهم النفسية وظروفهم كما نراعي حاجاتنا واحتياجاتنا النفسية والاجتماعية. فنحن نريد من الآخرين أن يتفهموا بعض تصرفاتنا معهم، وفي الوقت نفسه لا نمنحهم الفرصة في أن نتفهم بعض تصرفاتهم. فإذا أردنا إقامة علاقات وحوارات ناجحة معهم تؤدي إلى إقناعهم بآرائنا، أو أفكارنا، أوقناعاتنا، لا بد أن نعلم أن هؤلاء أيضاً يحتاجون أن يحظوا بهذا الفهم لتصرفاتهم مثلنا أيضاً. إن مشكلتنا الدائمة إننا تعودنا أن نلوم الناس على أخطائهم وتصرفاتهم قبل أن نلوم أنفسنا على ممارساتنا وتصرفاتنا معهم والتي نراها بسيطة في نظرنا، بينما نضع أخطاء غيرنا تحت ميكروسكوب اهتمامنا فلا تسلم من نقدنا، أو حتى دفعنا إلى اتخاذ قرار القطيعة مع الآخرين. ولكي تكون علاقاتنا أكثر استمراراً مع الآخرين يجب أن نعطي الآخرين فرصة لتصحيح وتبرير أخطائهم، فلا بد من أن نحاول فهم وجهة الطرف الآخر حتى لو كنا نعتقد بخطئه، ونعطيه الفرصة الكاملة للتعبير عن رأيه، وأن نحترم هذا الرأي حتى لو كان يخالف قناعاتنا، ونذكر قواعد تساهم في إقناع الآخرين. فعندما تتحدث مع شخص لا تسهب في الحديث عن نفسك أو ما سيحققه الموضوع المطروح من نتائج إيجابية لصالحك، وحاول التطرق إلى المصالح المشتركة مع الطرف الآخر، وحاول دائماً في كل حوار مع الطرف الآخر التركيز على الجوانب المضيئة في من تحاوره، وحاول إبرازها وامتدحها فيه، بشرط أن لا يعتقد أنك تجامله، أو تكذب عليه في ما تقوله، فهناك الكثير من الجوانب الإنسانية يمكن إثارتها مع من تتحاور معه... تجنب الأوامر في الحوار مع الآخرين، فبدلاً من أن تقول: افعل، قل: ما رأيك لو نفعل..، ادع الشخص باسمه أو باسم أكبر أبنائه حتى يكون أكثر قرباً منك، وحاول أن تسمع أكثر مما تتحدث، فما ستقوله تعرفه ولكن ما سيقوله لا تعرفه، وقد يغني عن سؤال آخر يمكن أن تسأله، أو أن تتخذ منه موقفاً قبل أن ينتهي محاورك كلامه. فكلما زاد الكلام كثرت الأخطاء، وتشعب الحديث. فاهتمام الطرف الآخر يكون معك في بداية حديثك، أما إذا خرجت عن مثار اهتمامه جعلك تتحدث وحدك.. فلا بد أن تملك فن الإصغاء لتشعر محدثك بالاهتمام ليوافق في النهاية إلى ما تود إقناعه به. قد يتحول الحديث بين شخصين إلى جدل عام تتعدد فيه الآراء والقناعات، بسبب تمسك كل شخص برأيه، فالحوار دائماً ما يصل إلى طريق مسدود إذا عمد البعض إلى القول بأنه يملك كل التفاصيل والمعلومات والحقائق، وأن من يتحاور معه لا بد أن يتلقى هذه المعلومات ويقتنع بها. كما أن الشخص قد يملك أفكاراً رائعة وجميلة، إلا أنه لا يستطيع إقناع الآخرين بها، لأن أسلوب نقلها أو طرحها مع الآخرين جاء ناقصاً ومبتوراً. فإذا أردت أن يقتنع الآخرون برأيك، فقدمه ولا تفرض تفاصيله ودع الآخرين يشاركون في صناعة هذه الفكرة أو الرأي، حتى تشعرهم بأهميتهم فيتحمسون لما تحاول طرحه... ويجب أن نكون أكثر شجاعة في الاعتراف بأخطائنا، فالآخرون يحترمون، ويتسامحون دائماً مع من لديهم الشجاعة في الاعتراف بالخطأ، فالاعتراف بالخطأ شجاعة لا يمارسها إلا القلة من الناس، فاعترف بخطئك بكل جرأة ولا تحاول تبرير ما فعلت. وخلاصة القول عامل الناس كما تحب أن يعاملوك.