من الصعوبة تفسير سر العلاقة المتوترة التي تسود بين الآباء والأبناء هذة الأيام!! الخطوط بين الطرفين مشغولة أو مقطوعة والتواصل والفكري والوجداني بينهم في أقل مستوياته! المسافة التي تفصل هذا الجيل عن الجيل السابق قد يستهين بها البعض لكنها في الحقيقة وبسبب ما نمر به من تغيرات على كافة المستويات هي مسافة تنذر بقطيعة بدأت تعلن عن نفسها في كثير من المواقف!
تقول بعض الإحصائيات إن نحو 80% من متخصصي التربية لا ينجحون بتربية أبنائهم كما يريدون فالمعرفة بأصول التربية لا تحقق - قطعا- تواصلاً جيداً مع الأبناء، الأمر يحتاج إلى الكثير من الجهد والتوازن وقبل ذلك توفيق إلاهي لمعرفة الإبحار بسفينة العائلة!
ما يؤلم أن الفجوة بين الآباء والمعلمين من جهة وبين الطلاب من جهة أخرى تتسع أيضا إلى أقصى مدى لها لذا نشاهد الكثير من الانفلات والخروج على تعاليم وأنظمة المدرسة ويرى الكثير من المعلمين أن مستوى تقدير المعلم في أقل درجاته! الجنح التي يقوم بها المراهقون في المدارس أو في مرافق المجتمع العام تعبر عن ذلك الانفلات الذي يمارسه الجيل الجديد الذي يحاول الجيل القديم بكل ما أوتي من قوة أن يمنعه بأساليبه القديمة للعودة إلى حضيرة أنظمته ولكن دون جدوى فهذا الجيل ثبت أنه يسمع مصطلحات الجيل السابق فلا يستوعب منها الكثير وهو يحفظها كما يحفظ أيام الامتحانات كثيرا من التعريفات والمصطلحات الذي (يصمها) دون وعي بهدف المرور من بوابة الامتحان! الفشل في التواصل مع الجيل الجديد قد يرجع إلى هذا التنوع بالأفكار التي أصبحت حصيلة طبيعية في عالم متنوع لم تعد الخصوصية الواحدة تتواءم معه، البعض منا حتى الآن لا يؤمن بأن الانفتاح على العالم سيولد التنوع وأن يحمل كل شخص الأفكار التي يريد وليس ما يريده الآخرون انتهى ذلك الزمن الذي يتشابه فيه الناس في لباسهم وأكلهم وأفكارهم وثقافتهم!
من المهم أن نتفهم هذا الجيل ونغير طريقتنا في تعليمه وتربيته ومن العبث أن نطالبه بأن يكون جميع أفراده مثلنا فهذا مستحيل، الجيل الحالي يشق طريقه بطرق أحيانا لا يريدها الآباء والمعلمون ولكن هذه سنة الحياة فكل جيل كان لا يرضى عن الجيل الذي يليه! وإذا كان الجيل الجديد (زودها شوي) فقبل أن نبدأ الحوار معهم علينا أن نعرف أن الحياة أمامهم تفتحت أبوابها بل وتهدمت جدرانها العازلة بطريقة لم نتوقعها نحن ولا هم!!
alhoshanei@hotmail.com