على الرغم من استياء العامة من الناس في جميع بقاع الأرض من الغلاء وارتفاع الأسعار والتضخم والسلبيات المترتبة على ذلك، التي من أهمها عدم ضمان بقاء سعر السلعة ثابتاً لمدة قصيرة، فما تدفعه اليوم من البديهي أن يتغير بعد يوم أو أسبوع، إلا أن المتابع لما يجري حالياً يلاحظ ظهور آثار إيجابية للغلاء، فعلى سبيل المثال، تغير الحال عما كان عليه سابقا بعد أن ترسخت مصطلحات ارتفاع الأسعار والتضخم والغلاء في أذهان الناس، وتغيرت تبعا لذلك عاداتهم وسلوكياتهم الشرائية، في السابق كانت المدة التي يستغرقها المشتري في الشراء من السوبر ماركت أو محلات البقالة قصيرة جدا، فالمشتري غالبا يضع ما يريد في السلة بدون النظر إلى سعرها، أما الآن فالأسواق تزدحم ومدة التسوق أصبحت أطول بسبب إدراك المشتري أهمية قراءة السعر ومن ثم مقارنته مع بدائل أخرى، كان سابقا التفضيل دائماً لعلامة تجارية محددة حتى وإن كان سعرها أعلى من منافستها، أما الآن فالوضع تبدل فالمشتري بدأ يفحص الأسعار ويقارن، حتى الفاتورة لم تكن تلقى أي اهتمام بينما الآن اختلف الوضع، أصبح المشتري على وعي وإدراك بكل ما يحيكه له التاجر من خدع واستغلال بعد أن فقد الثقة فيه. أصبح لا يشتري إلا ما يحتاج ولا يملأ العربة بكل شيء كما كان سابقا، تغير الإنفاق الأسري، فبدل الذهاب للتسوق مرتين في الأسبوع أصبح مرة واحدة وهكذا، وزادت مشتريات الجملة عن المفرق من أجل التوفير، في السابق كنا من النادر أن نشاهد شخصا يحمل مطوية التخفيضات التي يوزعها المتجر، ولا يشترى سوى البضائع التي عليها عروض ترويجية، أما الآن فأول ما يسأل عنه المشترى هي قائمة العروض الترويجية. كان البعض منا في السابق يلتصق بعلامات تجارية لبعض المواد كالأرز على سبيل المثال، ولا يرضى عنها بديلا، ولكن بعد أن وصلت المسألة إلى درجة الابتزاز، والإخفاء من أجل إعادة طرحها بأثمان مبالغ فيها، لم يجد المستهلك أمامه سوى مقاطعتها، وإدارة الظهر لها، خاصة وأن الأسواق تعج ببدائل كثيرة من أنواع وأصناف عدة من أنواع الرز بأسعار منافسة. كل ما سبق ذكره يمثل صور إيجابية كنا بحاجة إلى إليها وستسهم مع مرور الوقت في التأثير على التجار وستضطرهم إلى إعادة النظر في سياساتهم البيعية والتسويقية.
أمانة منطقة الرياض ضربت مثلا رائعا يحتذي به لكل الجهات المختصة من خلال نشرها قائمة مؤشر الأسعار الأسبوعي حتى أنها أنشأت موقعا إلكترونيا خاصا بذلك، وهي بتلك الخطوة تشجع وتعزز تغيير النمط والسلوك الاستهلاكي من خلال المساعدة في التعرف على مستجدات السوق وأسعاره، والبدائل الموجودة من السلع. ومع مرور الوقت ستصبح مرجعا أساسيا للمشتري.
في الختام، المرحلة الحالية تؤكد أن السلاح الناجح أصبح في يد المشتري وهو المفاضلة بين البدائل والتخلي عن العلامات التجارية المعروفة، خصوصا إذا كان البديل يوفر نفس المنتج بجودة عالية وسعر أقل.
fax2325320@ yahoo.com