الجماعات الإرهابية، والفرق الإجرامية التي شكلتها، والخلايا الشريرة التي ذرعتها في المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الأخرى في أوروبا وأفريقيا وآسيا وحتى أمريكا، لم تأتِ من فراغ، بل نتج عن تراكم فكر منحرف أفرزته عقول متطرفين ذهبوا بعيداً في غلوهم وانتهجوا منهجاً أخذ في التضخم حتى أصبح بمثابة المناهج المقررة على المنتمين لهذا الفكر الضال.
وتسمية الفكر الضال لما يعتنقه هؤلاء المنحرفون مصطلح يتطابق على ما تحتويه أدبياتهم ومناهجهم التي كانت تتداول على شكل (وريقات) ومناشير تتلف من قبلهم بعد أن يستوعبوا ما تتضمنه من تهويمات وتعليمات، وفتاوى منحرفة. ولهذا فقد ظل فكرهم غير مفهوم ولا يعرفه إلا أعضاء التنظيم الإرهابي، وأعضاء الخلايا والجماعات المرتبطة بالمنتمين ومتبعي الفكر الضال.
ظل هذا الفكر يتداول ضمن الدائرة المغلقة للإرهابيين، ومع أن الأجهزة الأمنية في عملياتها الاستباقية قد عثرت على بعض الكتب والمنشورات والمطبوعات التي تروج لأفكار المتطرفين، إلا أنها كتب معروفة سبق نشرها لأساطين الفكر المتطرف والذين نشروا تلك الكتب والمنشورات إبان فترة تفشي الجماعات الإرهابية التي حملت أسماء إسلامية ضمن إستراتيجية التخفي وارتداء العباءة الإسلامية للتغرير بالمسلمين.
وظل الفكر الحقيقي للإرهابيين وأساليب إغراء الشباب الإسلامي وتهيئة البلدان كساحات قتال ومواقع تتفشى فيها الفوضى والدمار والقتال حتى يتسنى لهم تنفيذ مخططاتهم الإجرامية.
هذا الفكر الذي لا يعلم به ولم يطلع عليه إلا أعضاء التنظيم بعد أن يتم إكمال (غسل عقولهم) والتيقن من سقوطهم فكرياً بتبني أساسيات ما وضعوه من مناهج وأفكار.
وظل هذا الوضع حتى وفقت الأجهزة الأمنية بعد تمكنها من القبض على المجموعات الأخيرة من أشخاص من جنسيات مختلفة في عدد من مناطق المملكة لارتباطهم التنظيمي والفكري بأنشطة الفئة الضالة، والذين ضبط بحوزتهم العديد من الوثائق من أبرزها وثيقة تسمى (إدارة التوحش) والتي تترجم وترسم أساليب أعمالهم وتشرح فكرهم المنحرف، فهي عبارة عن إستراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى نشر الفوضى في البلاد من خلال تنفيذ عملياتهم الإرهابية، وتشرح بالتفصيل كيفية إدارة زمام الأمور بعد تحقيق أهدافهم الشريرة، مما ينبئ عن فساد فكرهم وشرور تمكنت من نفوسهم المريضة فصار هدفهم الفساد والإفساد في الأرض، فاستغلوا ضمن الوسائل المتعددة التقنية ومستحدثاتها بغية إيصال غيهم وتمرير مخططاتهم التي يسعون جاهدين في إيصالها للنشء والمغرر بهم ممن انطلت عليه هذه الضلالات فباتوا مطايا لتحقيق أهداف وغايات أولئك الفساق. وقد كشفت التحقيقات بأن أفراد الفئة الضالة يتداولون هذه الوثيقة فيما بينهم ويعتبرونها مرجعاً سياسياً وعسكرياً تنطلق منه أنشطتهم الإجرامية التي يسعون إلى تحقيقها..
هذه الوثيقة (المرجع) تكشف لكل من يطلع عليها من صاحب عقل راجح وعقيدة سليمة، أن هؤلاء الإرهابيين قد نزعوا من عقولهم وأفئدتهم أية رحمة، وأنهم لا ينتمون إلى أي عقيدة أو دين، وأنما يتسترون ويتدثرون بعباءة الدين لتحقيق أغراضهم الدنيئة.
jaser@al-jazirah.com.sa