من حين لآخر ينضح إناء إسرائيل بممارسات عنصرية وهمجية جديدة، تكشف عن الوجه القبيح للاحتلال وتعري حقيقته البغيضة، الجريمة الأخيرة التي بُثَّت على الملأ وهي تُظهِر جندياً إسرائيلياً يطلق رصاصة على فلسطيني أعزل مكبلاً معصوب العينين، وإن كانت ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فإنها تعتبر جزءاً بسيطاً مما يعتم عليه وتلتهمه ميديا الإعلام الإسرائيلي وتحجبه عن النور من حقائق وجرائم تمرَّس عليها فتية جيش الدفاع الإسرائيلي، وأدخلت عنوة إلى عقولهم وقناعاتهم السياسية والعسكرية.
كما أن هذه الجريمة تعيد إلينا وبشكل واضح قضية الكيل بمكيالين من قبل دعاة العدالة الدولية وصناع القرار العالمي وحماة حقوق الإنسان، ففي الوقت الذي تطالب فيه المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني البشير بحجة الإبادة الجماعية، تأتي الصورة واضحة لتقول هناك ما هو أهم وأقوى من الركض خلف تعقيدات الوضع السوداني الداخلي وتوظيفها لجني الأرباح السياسية الدولية, فالشعب الفلسطيني يتعرض للإبادة والاضطهاد الجماعي من قِبَل آلة حرب تمرست على الفصل العنصري والتنكيل بالأبرياء العزل، ويتشدق ساسته من حين لآخر بخطط (الترانسفير) وتدمير أحياء كاملة بغزة، وتشريع وتقنين الاغتيال تحت أسماء (القتل المستهدف)، وهو الأمر الذي تغض عنه عين العدالة الدولية الطرف بل وتتحاشاه؛ خشية العصا الغليظة للوبيات وجماعات الضغط الصهيونية ومن يسير في ركابها من دوائر صنع القرار العالمي.
لقد أضحت مفاهيم العدالة الدولية وقناعات حقوق الإنسان في الميزا، وباتت أمام معايير (عدالة العدالة الدولية) نظراً لما أصبح يشوب هذا المفهوم الإنساني من شوائب اللعب على حبال المصالح الدولية، وممارسته كأداة ضغط على الدول والكيانات السياسية وتحويلة إلى قميص عثمان الذي يستغل متى شاء حامله ذلك، بينما تنجو إسرائيل بسياساتها العنصرية والقمعية وتعربد في الفضاء الإنساني بلا رقيب أو حسيب.