لا أكتب عن هذا الاقتراح بعاطفة المحبّ، المشدود دائماً نحو التقاط كل فكرة خلاقة تنصف الرجل الكبير، وتذكّر الناس بإنجازاته ومواقفه في سبيل إشاعة الخير والسلام بأبهى صورهما على مستوى العالم.
***
وإن فعلت، فستجدون أمامكم وبين أيديكم رصيداً كبيراً موثقاً مما قدمه عبدالله بن عبدالعزيز للإنسانية على امتداد العالم؛ ما يجعل عاطفتي تتوارى وتخبو أمام سجله الحافل بالمواقف الدولية المعنية بالسلام والعدل واحترام حقوق الإنسان.
***
فخادم الحرمين الشريفين قدَّم الكثير من الأفكار والمواقف والأعمال الخالدة لشعوب العالم؛ حقناً للدماء، وصوناً للسلام، وتعزيزاً لكل ما يرسخ القيم والتعاون وينأى بالشعوب عن بؤر الصراع والبغضاء ومستنقع الحروب والفتن التي تقضي على اليابس والأخضر.
***
أكتب هذا فخوراً بما رأيته في مدريد، حيث انعقد المؤتمر العالمي للحوار، وحيث يسجل التاريخ أن عبدالله بن عبدالعزيز -ودون أن يسبقه غيره إلى ذلك- قد دعا إلى انعقاد هذا الحوار بين الأديان كافة بطرح حضاري وإنساني بعيداً عن التجاذبات السياسية والدينية في مشهد هائل عبّر عنه الحضور بانتشاء وفخر حين استقبل عالياً كلمة خادم الحرمين بحفاوة وتقدير كبيرين؛ تثميناً للمضامين والرؤى التي حفلت بها.
***
وما من أحد رأى ذلك المشهد الجميل، حين كان عبدالله بن عبدالعزيز يُلقي كلمته، إلا وكان شديد الانتباه إلى ما كان يعنيه وما يرمز إليه في ذلك الخطاب، من حيث بُعده وجوهره الإنساني، بحكم أنه لامس اهتمام الناس، وتلاقى مع عواطفهم، وجسّد حقيقة معاناة البشرية من آثار الخلافات المدمرة، وأن مثل هذا التجمع - الحوار - بملامحه الإنسانية سيظل هو الطريق الأسلم للخروج من الأزمة المستفحلة منذ أمد التاريخ.
***
لهذا كله - أو بعضه - أقول لكم: إن عبدالله بن عبدالعزيز هو الأكثر استحقاقاً لجائزة نوبل للسلام، وإن الجائزة ستكون بلا قيمة أو هوية أو معنى إذا لم تلتزم بالمعايير الموضوعية والصادقة بعيداً عن التجاذبات والأهواء السياسية التي توظف أحياناً للتأثير على مسارها الصحيح. وبنظرنا فإن ما قدَّمه الملك عبدالله بن عبدالعزيز يؤهله دون منافس لنَيْل جائزة نوبل للسلام.
(غداً نواصل)