Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/07/2008 G Issue 13081
الثلاثاء 19 رجب 1429   العدد  13081
دفق قلم
الضمير الإنساني وظلم السجون
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

ضمير الإنسان المعاصر (المتحضر) مصاب بأزمةٍ خطيرة لا تستطيع مظاهر التلميع الإعلامي - برغم بريقها- أن تحول دون رؤيتها ومعايشتها، ضمير الإنسان المعاصر مصاب بأزمة فقدان الصدق والصفاء والنقاء، ولهذا فإنه بعيد عن الشعور بمظاهر الظلم والاستبداد ومصادرة حقوق آلاف المظلومين المضطهدين، المطعونين في كرامتهم وإنسانيتهم، المسلوبين حقوق الحياة الحرة الكريمة.

ضمير الإنسان المعاصر مأخوذ ببريق الأضواء وابتسامات المسؤولين عن نكبات البشر في هذا الزمن التي تتفنن لاقطات التصوير في إخراجها وعرضها، مشغول بذلك عن آهاتٍ المكلومين، ودموع المظلومين، ومعاناة المقهورين، وانكسارات المشرَّدين، وانهيار قلوب الفاقدين للأمن والاطمئنان، وحرمان كثير من القابعين في السجون من حقوق إنسانيتهم التي لا يختلف على وجوب حفظها أحد.

وهنالك أنموذج صارخ لهذه الغفوة الطويلة العميقة التي يعاني منها ضمير الإنسان المعاصر، ألا وهو ذلك المعتقل الرهيب الذي ينتهك إنسانية الإنسان ليل نهار أمام أعين جميع الدول التي تنادي -إعلامياً- باحترام هذا الإنسان، وعدم جواز مصادرة حقه في المعاملة الحسنة العادلة حتى وإن كان واقعاً في خطأ واضح.

إنه معتقل جوانتانامو الذي ما يزال معلماً بارزاً من معالم الظلم والقهر والقسوة ووحشية الاستبداد، ولا بأس أن نأخذ هذه الشهادة القوية التي أدلى بها بصورة معلنة قوية المحامي الأمريكي، الناشط الحقوقي (دايفيد ريميس)، وتناقلتها وكالة الأنباء دليلا ثابتاً على الظلم والقهر السائدين في ذلك المعتقل البغيض.

يقول المحامي الأمريكي ديفيد ريميس: إنّ تسعين بالمائة من الباقين في معتقل جوانتانامو من الجنسية اليمنية، وأنهم أبرياء تماماً ولم تثبت عليهم إدانة بشيء، ومع هذا فهم مستمرون في ذلك السجن المعتم، ثم يتحدث ديفيد عن واقع الحياة في ذلك السجن المسكون بالظلم قائلاً: إنّ الحراس الأمريكيين يستمتعون بإيذاء المعتقلين وإهانتهم إلى درجة تعريتهم من ملابسهم، وتقليص فترة راحتهم إلى أقل من ساعتين يومياً، مع تعريضهم للضجيج المتواصل المزعج الذي أدى -ومازال يؤدي- إلى إصابة بعضهم بالجنون.

ونادى المحامي الأمريكي إلى وجوب النظر السريع في قضية أولئك المظلومين، وعدّ ذلك مسؤولية عامةً تقع على كواهل المنصفين من رجالات السياسة والقانون.

إن في دول العالم المتحضر من السجون ما يشبه حظائر الحيوان بل هي أسوأ حالاً من الحظائر، لأن الحظيرة مناسبة بطبيعة الحيوان، وطريقة حياته، أما حظائر البشر (السجون الجائرة) فهي مخالفة لما يجب أن يكون عليه الإنسان -حتى وإن كان مخطئاً- من مراعاة العدل والإنصاف في محاكمته، ومعاقبته.

سجون كأنها بيوت الشياطين، فأين منها جهود المصلحين؟؟

إشارة

ماذا جرى؟ هذا السؤال النَّارُ تلتهم الهشيم



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد