تطورت وسائل تواصل الصغار بما يبث متسللاً لدواخلهم من أفكار.. ومفاهيم... وآراء تشكل في النهاية قناعاتهم وتوجهاتهم... بل تعمل على تشكيل سلوكهم الحركي في تعاملهم مع المحسوسات... وسلوكهم الفكري في التعامل مع الآراء والرؤى والنوايا والقرارات...
ولئن كان أدب الصغار من قصة وأهزوجة ونشيد وقصيدة وخاطرة وحكمة ومثل بأساليب تتناسب وقدراتهم العقلية انطلاقاً من مبدأ مخاطبة الناس على قدر عقولها... فإن مسؤولية التخطيط لهذا الأدب في الوقت الراهن تبدو مسؤولية مزدوجة الشأن بالغة الأهمية... فمن حيث يتخذ هذا الأدب وسيلة لتنمية القيم الأصيلة والفاعلة فإنه خير وسيلة لبذر قواعد الأخلاق وفضائل الصفات وسلامة النفوس ورقي الفكر...
فالإنسان في ضوء معطيات الوقت ومتغيرات الحياة تعتور تربيته صعوبات كثيرة، وتحديداً تربية النفوس على قيم الخير والحق والإيمان والخشية تلك التي هي قوام الضوابط الذاتية نحو سلامة المنشأ وقيمية التربية...
ذلك شأن الإنسان في فضاء أرض الله - سبحانه وتعالى - فما بال في بقاع المسلمين التي اقتحمها ما اقتحمها من طوارئ المتغيرات التي تهز بريحها جذور هذه القيم...؟!
إن أول ما جاءت به رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - هي الكلمة، وتحديداً اقرأ...
فما بالنا لا نتخذ من وسيلة القراءة ما نسلك به نحو عقول وقلوب الصغار درباً نوطد عنه أبنية هذه النفوس والعقول عن طريق الكلمة الفاعلة المؤثرة... الموظفة بوعي ليستفاد من قدرتها على التأثير في هذه الفئة ممن هم على الفطرة.. قابلين للتشكيل ومرنين للتعلم...؟
لماذا لا يكون أدب الصغار كتاباً ملموساً أو شريطاً محمولاً أو قرصاً مدمجاً يشاهد ويسمع تتضمنه برامج أدبية وثقافية زهيدة الثمن... يسيرة التوفير.. قريبة الاستجابة لأهداف التربية السليمة والتكوين الصحيح لقاعدة معرفية ثقافية تتضمن كل ما يحتاج إليه الصغار؛ ليكونوا على إلمام بما يؤهلهم من حياة فاضلة يقتدي فيها الفرد منهم بالنماذج التي يقف عليها في أدبه بنصوصه المختلفة السمات والأشكال.. وتدور في شؤون الحياة كلها, منطلقة من قوام خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطريقة تفكيره ومواقفه في حل المشكلات والتغلب على الصعاب وفي تضحياته وصبره في سبيل رسالته... ومن ثم من نهج على هداه... بدلاً من تلك البرامج الكثيفة العديدة التي تزج بها شركات الألعاب وبرامج التسلية للصغار المليئة بالسموم.. ومن أجلها تُخترع الأجهزة المختلفة سهلة الحمل والتنقل معهم... ولا نستغل هذه المنجزات فيما يعزز ثقافتنا ويوطد قيمنا ويطهر منشأ صغارنا فكراً ووجداناً... ونقابل تلك البرامج بما يعزز ذلك...؟
حين يكون أدب الصغار مدار همة الكبار...
وتنشأ دعاماته على قوة... وينهل من نبع السلام والعطاء فإنا لن نعجز عن صد أي ريح تهب من اتجاهات الأرض بغثها وخشاشها.