قرأنا في الصحف عن قيام حملة وطنية تهدف إلى مكافحة الإرهاب يشترك فيها عدد من المؤسسات الحكومية كل في مجال تخصصه، ولعل التوقيت الذي أعلنت فيه الحملة هو بالتحديد الذي يجعلنا نتساءل عن عدد من الأمور التي تنطلق منها هذه الحملة وتهدف إليها؟؟.
فتوقيتها تقريباً تلي إعلان المؤسسة الأمنية لدينا عن القبض على ما يربو على 500 يافع في مطالع الشباب وينتمون إلى تنظيم القاعدة، وتم تجييشهم عبر عدد من المنافذ والفعاليات التي مازالت تعمل بحيوية ونشاط محلي.
فهل جاء الإعلان عن قيام الحملة الوطنية وكأنه إبراء للذمة من قبل عدد من الجهات؟ أولامتصاص علامات الدهشة والذهول الاجتماعي لعدد الإرهابيين وطبيعة المخططات التي بيتت.
على مستوى آخر نجد أنه مضى الآن عدد من السنوات على المواجهة المفتوحة بين المجتمع وحركات العنف الإرهابية ومازالت المؤسسة الأمنية وحيدة في ميدان هذه المواجهة بدليل تصريحات سمو وزير الداخلية االمتتالية حول غياب الدور الواضح للمؤسسات المعنية.
والجميع يعلم بأن أي خطة أو حملة وطنية لا بد أن تملك استراتيجيات وأهدافا محددة، هذه الأهداف لا بد أن تكون قابلة للقياس، ضمن أدوات قياس دقيقة أو يتم استبعاد الأهداف وتغييرها على الفور واستبدالها لعدم فاعليتها ميدانياً.
لكن الملاحظ هنا أن التحرك ما برح خطابياً إنشائياً يتوسل الواجهة الإعلامية دونا عن أي أمر آخر بدليل أن مخرجات خطط وبرامج واستراتيجيات مكافحة الإرهاب لجميع السنوات الماضية. تخبرنا...... بأنه لم ينجح أحد!
والدليل تواجد خمسمائة قنبلة بشرية تعيش بيننا مفرغة من الانتماء الوطني مستعدة لتلقي الأوامر وجاهزة للانفجار في أي لحظة بل إن عملية الفرز والفهرسة ما برحت تقوم ضد النشطاء عسكرياً فقط, فمن يحمل السلاح فقط هو الإرهابي وما سواه من أصحاب الفكر الظلامي الذين يفسقون ويكفرون ويرفضون التعايش مع الآخر، ويرفضون الإيمان بالسنن الإلهية بالتعدد والاختلاف، ويلاحقون كتاب الرأي في الصحف والجرائد بالتجريم والقمع الفكري، ويمضون في أساليبهم الرافضة للمختلف، وفي مطاردة الناس في الشوارع والتجمعات بفظاظة وقسوة بحجة الدفاع عن الفضيلة يمضون في عدم الاستجابة لأبجديات الانتماء حتى على مستوى ترديد النشيد الوطني والوقوف احتراماً له، وما هنالك من ممارسات الفكر المتعصب المنغلق والتي يصعب حصرها، فهم خارج دائرة المسألة أو الاستفسار.
جميعنا نعلم بأن المواجهة ستكون طويلة، وأن الدولة اختارت أن تكون هذه المواجهة بيضاء خالية من الدماء، لكنها أيضا التحركات الإيجابية ما برحت تراوح على المستوى العسكري فقط ضد حملة السلاح، والبقية خاضعة للمناصحات والمجاملات ومس محاضن الإرهاب مساً رقيقاً بعيداً عن الصراحة والمكاشفة التحركات على المستوى المحلي لا تتوازى فيها قاعدة الهرم مع قمته, فالتحركات الجسورة النبيلة العظيمة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين لتكريس المملكة كمملكة السلام والإنسانية عالمياً لا تتوازى إطلاقاً مع تحركات غائمة ضبابية تخبرنا مخرجاتها دوما بأنه..... لم ينجح أحد.