Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/07/2008 G Issue 13088
الثلاثاء 26 رجب 1429   العدد  13088
أزمة الكهرباء تُضيء الطريق
فضل بن سعد البوعينين

قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)، وقال الحكماء (تخرج المنح من بطون المحن)، وقيل أيضاً (رب ضارة نافعة).. ونسأل الله الكريم أن يكون الضرر الذي أحدثه انقطاع الكهرباء عن مناطق المملكة أمراً نافعاً للشركة، المسؤولين، المواطنين وللجهات المهتمة بوضع الخطط الإستراتيجية، والخطط البديلة لمواجهة الأزمات الطارئة.

انقطاع التيار الكهربائي كان أمراً متوقعاً حدوثه منذ العام الماضي، فالنمو الصناعي الكبير والتوسع العمراني كانا في حاجة إلى توفر طاقة كهربائية احتياطية يمكن من خلالها مواجهة الطلب المتنامي على مصادر الطاقة الكهربائية.. تأخر تنفيذ مشروعات محطات توليد الكهرباء أدى إلى خلق فجوة بين الطاقة الكهربائية المتاحة والطلب، وهو السبب الرئيس لأزمة الكهرباء الحالية.. وما لم تتوفر الطاقة الاحتياطية المناسبة التي يفترض أن لا تقل، في جميع الأوقات، عن 12 في المائة من الاحتياجات الحقيقية، فالأمر سيصبح أكثر تعقيداً، خصوصاً مع بدء تشغيل المشروعات الصناعية، والتنموية الضخمة التي أوشك بعضها على الانتهاء.

البحث في لب المشكلة خير من رفع الصوت بالشكوى.. أزمة الكهرباء لن توقفها أصوات المحتجين، ولن تبررها كلمات المسؤولين، فهي قائمة، وستتكرر طالما استمر حجم الطلب على الطاقة في مستوياته الحالية مع ثبات معدلات الإنتاج، وسيبقى الأمل معقوداً في سرعة إنجاز مشروعات محطات توليد الكهرباء الحالية، ومن ضمنها محطة مرافق التي ستساعد كثيراً في تزويد القطاع الصناعي في الجبيل الصناعية بالكهرباء.

أزمة الكهرباء الحالية تدق ناقوس الخطر محذرة من مغبة التهاون في وضع الخطط التنموية الإستراتيجية الشاملة التي يمكن من خلالها إنجاز خطط البناء والتطوير والتوسع في مشروعات التنمية بعيداً عن المعوقات.. الماء والكهرباء هما أساس التنمية، وكان من المفترض البدء بهما قبل الشروع في تنفيذ المشروعات الصناعية والتنموية الحالية.. أما وقد سبق السيف العذل، فالحكمة تفرض علينا التعجيل في إنجاز مشروعات المياه والكهرباء الحالية، وفق المواصفات العالمية، والتقنية الحديثة لضمان الجودة، واستمرارية العطاء لعقود قادمة.. الأزمة الحالية تفرض علينا وضع تصور لاحتياجاتنا الوطنية من المياه والكهرباء لـ 25 عاماً قادمة، والعمل على تحقيق ما أمكن منها واستغلال الفوائض المالية الحالية لتأمين حاجات البلاد والعباد المستقبلية، تحوطاً لمتغيرات الظروف.

أزمة الكهرباء الطارئة الناتجة عن زيادة الأحمال، وضعف إنتاج الطاقة، قد تحدث لأسباب أخرى لا يعلمها إلا الله، خصوصاً مع ظروف منطقة الخليج الحرجة، ما يجعلنا أكثر حرصاً على المطالبة بتوفير الخطط البديلة لتوفير الطاقة في أوقات الأزمات للمستشفيات، المطارات، المرافق الحكومية الرئيسة، المصارف وغيرها من القطاعات المهمة.. الأمر ينطبق على المياه المحلاة التي تشهد شحاً في بعض مناطق المملكة، وما يحدث للكهرباء قد يحدث أيضاً لمحطات تحلية المياه ما يجعلها أكثر حاجة لخطط الطوارئ تحسباً للظروف الاستثنائية.

أزمة الكهرباء يُفترض أن تفتح ملف أداء الوزراء، والعلاقة التي تربط بين الوزارات المختلفة من جهة، وبينها وبين وزارتي المالية، والاقتصاد والتخطيط من جهة أخرى.. فالخطط الإستراتيجية تعتمد كثيراً على جهود هاتين الوزارتين في تحديد الاحتياجات المستقبلية، والأموال اللازمة لتنفيذها.. وأي قصور في مشروعات التنمية الإستراتيجية يفترض أن تُسأل عنه وزارتا المالية، والاقتصاد والتخطيط إضافة إلى الوزارة ذات العلاقة.

أزمة الكهرباء يُفترض أن تدفعنا إلى التعاون المباشر مع المنظمات التنموية الدولية، والاستفادة من خططها وبرامجها التنموية، والمشروعات الحيوية التي تُوصي بتنفيذها خصوصاً المشروعات الإنتاجية ومشروعات الطاقة.. إضافة إلى ضرورة الاستفادة من المكاتب الاستشارية العالمية في كل ما يتعلق بمشروعات التنمية، وبخاصة التصميم والإشراف، اللذين يمكن أن نحقق من خلالهما المنفعة التامة لكل ريال يتم صرفه من خزانة الدولة. الخروج من أزمة الكهرباء الحالية برؤى جديدة، وخطط إستراتيجية تنموية شاملة، وطرق حديثة لإدارة الأزمات ومعالجتها، وتفعيل نظام المحاسبة الذاتية للمقصرين، والمحاسبة الحكومية، إضافة إلى خطط الطوارئ البديلة يمكن أن تكون المنحة التي خرجت من رحم محنة انقطاع التيار الكهربائي، فنضيء بانقطاع الكهرباء طريق البناء، التطوير الإستراتيجي، ومحاسبة المقصرين.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244









f.albuainain@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد