المتتبع لمنظومة التنمية في بلادنا خلال السنوات الأخيرة يجد قفزات كبيرة على كافة الأصعدة الاقتصادية والخدمية والصحية والتعليمية إلخ..
وجاء ذلك أولاً - بفضل الله - ثم بدعم ومتابعة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله لكل مناحي التطور وحرصهما على توجيه موارد الميزانية وفوائضها لخدمة هذا الوطن وأبنائه وتوفير أرقى مستويات الخدمات لهم، وسوف أتوقف في هذا المقال عند (الخدمات الصحية) التي حققت - كما تشهد الأرقام- منجزات كبيرة سواء على مستوى الكيف أو على مستوى الكم، ونحن ننتظر المزيد، والمستقبل الصحي واعد بذلك.
إن الأرقام في ميدان الطب العلاجي تقول إن عدد من راجعوا المستشفيات الحكومية خلال العام الماضي أكثر من (65) مليون شخص، إنه رقم كبير يشير إلى حجم الخدمات الطبية المقدمة في بلادنا، وأما عن عدد الأسرّة فخلال الخمس سنوات الماضية تم إضافة ثلاثة آلاف سرير، وفي ميدان الطب الوقائي كان داء الملاريا عام 1989م (361139) حالة والآن في هذا العام لم يعد لدينا سوى (467) حالة فقط، وهناك سبع مناطق سجلت منظمة الصحة العالمية خلوها من هذا المرض.
ما يتعلق بالمشروعات الصحية فهي الأخرى تضاعفت خلال السنوات الأخيرة ففي عام 1426هـ تم تشغيل (26) مستشفى وفي عام 1427هـ تم افتتاح أربعة مستشفيات جديدة فصار عدد المستشفيات (218) مستشفى وفي عام 1428هـ تم تشغيل ستة مستشفيات جديدة فأصبح العدد (224) مستشفى فضلاً عن افتتاح وتشغيل مدينة الملك فهد الطبية بالرياض التي ظلت سنوات طويلة دون تشغيل، والآن أصبحت مدينة تضاهي في رقي خدماتها وسعتها كبرى المؤسسات الطبية بالمملكة إلى جانب افتتاح البرج الجديد بمجمع الملك سعود بالرياض وتوسعة وافتتاح عشرات الأقسام في عدد كبير من المستشفيات في كافة مناطق ومحافظات المملكة، وأما ما سوف يتم افتتاحه هذا العام فسيتم افتتاح سبعة مستشفيات جديدة وخلال العام القادم سيتم افتتاح (19) مستشفى حيث يجري تنفيذها لتبلغ السعة السريرية في المستشفيات الحكومية (233920) سريراً.
ومن ضمن المشروعات الضخمة التي سوف تبدأ بها الوزارة مشروع (المختبر الوطني) الذي سيكلف (320) مليون ريال وسيقدم هذا المختبر خدمات كبيرة لكافة المستشفيات والمرضى بالمملكة.
إن مستوى الخدمات الصحية لدينا عندما نقارنه بالدول المماثلة العربية أو الشرق أوسطية نجده يتفوق عليها وأضرب مثلاً ليس بمستشفيات المدن الرئيسية الكبرى كالرياض وجدة والدمام، لكن أختار إحدى المحافظات المعروفة في بلادنا، هذه التي لو قارنت المستشفى القائم فيها مبنى ومستوى وإمكانيات المستشفيات الكبيرة في إحدى عواصم الدول العربية أو دول الشرق الأوسط لوجدته إن لم يماثلها فهو يفوقها، إنه مستشفى الملك سعود بعنيزة وما يماثله كثير في عدد من كثير من المحافظات، طبعاً لا يعني هذا ألا نطمح ونريد المزيد، من أجل فتح المزيد من المستشفيات الجديدة، ودعم وتطوير المستشفيات القائمة في سبيل الوصول إلى الخدمة الصحية المبتغاة.
** تبقى الإشارة إلى أن أهم الخطوات المستقبلية التي ستتخذ والتي ستحدث إن شاء الله نقلة مفصلية في مستوى وتوفير الخدمات الصحية والارتقاء بها ألا وهي برنامج (بلسم) الذي سيتم فيه فصل خدمات المستشفيات عن إدارة الوزارة وتحويلها إلى كيان مؤسسي لها ذمة مالية تعمل بأسلوب القطاع الخاص ويرافق ذلك إنشاء صندوق وطني لشراء الخدمات الصحية بحيث تدفع الدولة بوليصة تأمين العلاج نيابة عن المواطنين، وكما أطلق على هذا المشروع اسم (البلسم) نرجو بحول الله أن يكون (بلسماً) لنقص وقصور الخدمات الصحية.
** وبعد:
لا تزال بلادنا بحاجة إلى المزيد من المؤسسات الصحية والمزيد من تطوير المؤسسات القائمة.. لكن ذلك يحتاج إلى وقت، ونلاحظ أن مسؤولي وزارة الصحة يبذلون قصارى جهدهم في المتابعة والزيارات وتطوير الخدمات والأنظمة لتحقيق طموح القيادة الرشيدة والتوجيهات السديدة لخادم الحرمين الشريفين.
وكم نتطلع زيادة الاعتمادات لوزارة الصحة في السنوات القادمة لسد النقص القائم ومواجهة زيادة السكان والمقيمين فضلاً عن ازدياد الأمراض- بسبب ظروف العصر- إضافة إلى وعي الناس وحرصهم على متابعة صحتهم، وحسبنا أن نعرف أن عدد من راجع المستشفيات الحكومية خلال عام واحد هو العام الماضي (65) مليون شخص -كما أشرت آنفاً- وهو رقم كبير جداً بكل المقاييس يؤكد حجم وكبر الخدمات الصحية التي تقدمها وزارة الصحة.
إنه في كثير من دول العالم لا تقل النسبة المخصصة للخدمات الصحية عن 10% وبخاصة في ظل ارتفاع أسعار البناء وأسعار الأجهزة، وأهمها المنافسة الكبيرة بين الدول النامية على الكوادر الصحية من أطباء وممرضين وغيرهم، ومن يدفع أكثر هو الذي يحصل على الكفاءة الأفضل.
إن الإنسان قد ينتظر ويصبر لكن (الصحة) أمر عاجل لا تنتظر والإنسان يطلب منها أرقى الخدمات وأكفأ الأطباء من هنا أرى أن (الخدمات الصحية) أولى من غيرها باعتماد أكبر المبالغ فيها لمضاعفة المشروعات، وسد النقص المطلوب وتوفير المزيد من الخدمات الصحية الجيدة والمتفوقة.