كثيراً ما نقارن بين بلادنا وبلاد أخرى أكثر تقدما، سواء في احترام أنظمة المرور أو الالتزام بالطابور أو كيفية التعامل بين التاجر والمستهلك، أو العلاقة بين مقدم الخدمة وطالبها. بل إن الأمر ليصل إلى التحسر على مستوى التقدم الحضاري والصناعي المذهل الذي تعيشه بلادهم برغم قلة الدخل القومي وأوضاعنا الاقتصادية المزدهرة!!
وغالباً ما يحمِّل المواطنون الدولة مسؤولية أخطاء بعض أفراد المجتمع وتجاوزاتهم برغم وضوح النظام لدينا وسن القوانين الصريحة والعادلة؛ إلا أن هناك مَن يعدون أنفسهم فوق النظام. وهنا مكمن الخلل!!
وحين ينادي المشفقون على المجتمع بنشر الوعي بين أفراده ويقرعون جرس الخطر، يأتي صوت السخرية مخترقا الصفوف ليهزأ بأولئك ويلوّح بأن سلاح العقوبة والغرامات أسرع مفعولا من نشر الوعي، وأقرب للفهم والاستيعاب لبعض أفراد المجتمع، رغم أن العقوبات والغرامات يتضرر منها الجميع ولا ينجو منها - أحياناً - حتى الواعون والمثقفون!!
وتتفاجأ حين تعلم أن بعض من يطلق عليهم المتخلفون حضاريا في بلادهم أسرع استيعاباً وفهما وإدراكا للالتزام بنظام البلاد المتحضرة حين يزورونها! فلا يحتاجون من يشرح لهم النظام أو يرشدهم إليه بقدر ما تجدهم سرعان ما يندمجون مع سكانها وكأنهم من ذات النسيج الحضاري. وحين تعاتبهم يكون الرد جاهزا بأن مستوى الخدمة والنظافة والنظامية والمساواة يجبرك على اعتناق النظام والسير بموجبه والالتزام بقوانينه. بمعنى حين تكون الخدمات بالمستوى الراقي الذي نراه ونعيشه في الدول المتحضرة الواعية فنحن إذا واعون! وفي حالة انعدامه فإننا قمة في التخلف!!
فهل تكمن المشكلة في الأشخاص أم في نوع الخدمة أو بمن يقدمها ؟! فلئن كان الأشخاص هم ذاتهم من يتعاملون بأسلوب حضاري في البلاد المتقدمة حضاريا فالاختلاف يكمن إذا في نوعية مقدمي الخدمة وصانعيها هنا و.. هناك!!
وربما نتفق أن قطبي المعادلة لا يخرجان عن محورين أحدهما موفر الخدمة الجيدة والراقية، أما المحور الثاني فهم طالبوها ومستخدموها. وهنا يكون نشر الوعي مكملا ومرشدا، دون اللجوء لاستخدام أية وسيلة لإقناع الآخرين.
أما العقوبات فلا تعدو عن كونها وسيلة إرهابية تسلطية قمعية آنية النتائج، ومؤشراً على الإفلاس الفكري والإنساني، وتعميقا لمفهوم الاستبداد المتوغل في بعض النفوس. وبالمقابل فالتوعية والقدوة والعدالة مفاهيم تصب في الاحترام والتقدير والحب لأفراد المجتمع الذين نتعامل معهم حتى ولو أظهروا شيئا من اللامبالاة أو المقاومة.
ولا ريب، فالحضارة تقود الناس للتقدم والتطور، بينما التخلف يسوق الناس إلى التأخر والتقهقر والهزيمة!!
rogaia143@hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342