كثيرة هي ملمات العالم العربي وعديدة هي مشكلاته، فمن مشاكل وظواهر التخلف الاجتماعي إلى غياب مشاريع التنمية، ومروراً بعُقد النسق المعرفي والثقافي وعراقيل الواقع السياسي، التي اجترت معها الكثير من تراكميات عصر مابعد الاستعمار إلى مرحلة العولمة الكونية وإرهاصاتها على الشعوب وواقعها الاجتماعي، وعندما نستعرض هذه الظواهر وطرق التعامل معها نجد طرق العلاج قد غيب عنها الاسلوب العلمي، ولم تتبع في تقصي مسبباتها أساليب البحث العلمية التي تمنهج طرق تتبع الظاهرة ومعرفة مرتكزاتها، وهو الأمر الذي قاد إلى الكثير من المعالجات الخاطئة والسلبية في تعاملنا مع العديد من مشكلاتنا وقضايانا الحالية، سواء أكان ذلك بشكل رسمي أو على مستوى الفهم الفردي الخاص بالمواطن العربي.
لا تُعفى المؤسسات الاكاديمية والعلمية من المسئولية في هذا، كما أنها لا تخلو من التماس العذر نظراً لشح الميزانيات وعدم الاهتمام بتطوير الصرف على الجامعات والمؤسسات العلمية التي ينبغي لها أن تكون المنطلق الأساس لتشريح قضايا المجتمع وتبويب الحلول لها، بعد دراستها دراسة علمية تقوم على طرق التعامل مع الظاهرة ومؤشراتها، حتى يستطيع صانع القرار أن يجد أمامه رزمة من الحلول والمعالجات التي تتواءم مع طبيعة الإشكال وتفي بأغراض علاجه، من دون تخبط أو إرباك في تقنين وتصويب الحلول على ما يتطلبه المزاج السياسي أو حسب مكونات العقل الاداري الذي غالباً ما يجثم عليه الروتين والتقليدية في عالمنا العربي.