أصيلة - واس
أعرب صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض عن سعادته بأن ينهج الشعب المغربي نهج احتواء الثقافات والحضارات.
وقال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في كلمته: إن خطة احتواء الثقافات التي تنتهجها أصيلة هي خطة أنبتتها عالمية الإسلام والعروبة حيث حوى الإسلام في أمته جميع الحضارات العربية والآسيوية والإفريقية والأوروبية على امتداد العالم في القديم والحديث بين شرقه وغربه وهذا دليل تاريخي يشهد لعالمية الإسلام وأنه الإضاءة المؤثرة في مسيرة شعوب العالم.
وأوضح سموه في كلمته أن الاستدلال وراء ذلك يتجلى في آلاف كتب التراث التي تحتضنها مكتبات العالم حيث كانت الأندلس مركز الإشعاع الفكري والحضاري في غرب أوروبا، بينما كان بعض أوروبا يعاند بقايا الحضارتين الإغريقية والرومانية.
وأضاف سموه: إن المغرب العربي ورث تراث الأندلس فحفظ أصوله وصبغ بها كيانه تماماً كما كانت الحركة العلمية في دمشق وبغداد مراكز النبوغ الفكري في سائر الممالك شرقاً وغرباً. وقال سموه: إن الأصل الأول لذلك كله من الجزيرة العربية مهد العروبة حيث انطلقت دعوة الإسلام. وأضاف سمو الأمير سلمان في المملكة العربية السعودية نجد علاقات المملكة وصداقتها الثابتة على العقيدة الصحيحة والعلم النافع وعدالة الكلمة وأمانة التعامل وشراكة العمل هي جسر الاتصال بشعوب العالم عامة وبالمغرب العربي خاصة بروابط التميز والمودة مشيراً إلى أن هذه الروابط ليست وليدة اليوم لأن جذورها نشأت حتى من قبل الإسلام عندما كانت الجزيرة العربية ممراً للقوافل بين الشرق والغرب ترعى رحلة التواصل الحضاري وتمثل ملتقى الثقافات في حركة تأثير وتأثر، وظلت الجزيرة العربية تفي للإنسانية بهذا الأداء إلى اليوم وإلى غد إن شاء الله.
وقال سمو أمير منطقة الرياض: إن المملكة العربية السعودية تخطو نفس الخطى بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ حيث أسس مبدأ الحوار الهادف حين دعا إلى المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار المنعقد في مكة المكرمة وأخيراً افتتح بمدريد المؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الأديان بدعوة منه وحرص على إنماء العلاقات الكريمة بين الشعوب ورعى هذا المؤتمر إلى جانب العاهل الإسباني.
ودعا سموه المشاركين في مؤتمر أصيلة الثقافي الدولي إلى التركيز على الأصول الثابتة في كل دعوة للتواصل الفكري من أجل غد مشرق يعم الإنسانية بالوعي وبالسلام. وتحدث صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز من جانب آخر عن العلاقات المتميزة التي تجمع المملكة والمغرب.
وكان المنتدى قد افتتح الليلة قبل الماضية بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض والرئيس السابق لجمهورية سيراليون أحمد تيجان كباح ووزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس وعدد من أعضاء الحكومة المغربية ومستشاري العاهل المغربي. وافتتح الموسم بندوة عنوانها (تحالف الحضارات في الفضاء العربي الإفريقي الايبيرو أمريكي) التي تنظمها جامعة المعتمد بن عباد الصيفية.
وتضمنت الندوة رسالة وجهها جلالة الملك محمد السادس ملك المغرب إلى المشاركين دعا فيها مؤسسة منتدى أصيلة للانكباب على إنجاز دراسات معمقة وإجراء مسح شامل للفضاء الحضاري العربي الإفريقي والايبيرو - لاتينو- أمريكي بمختلف عناصره ومكوناته.
ورأى العاهل المغربي في رسالته التي تلاها المستشار محمد معتصم أن هذه الدراسات ستكون خير منطلق لتجسيد ما يتم توخيه من قيام مؤسسة تعنى بتعزيز النهوض بتحالف الحضارات في تعميق البحث المقارن في هذا الشأن انطلاقاً من قاعدة الترابط بين مكونات النسق الحضاري الكوني ومن اعتبار أن الإنسان وحضارته مهاجران بطبعهما تحكمهما الحركية والتلاقح ومسافران زادهما في الحل والترحال المعرفة والاتصال. وأبرز الملك محمد السادس أن المغرب ظل عبر العصور وما يزال نموذجاً لتفاعل الحضارات المتتالية مذكراً بأن المغرب ما فتئ يتخذ كل المبادرات وينخرط بقوة في كل الجهود الخيرة العربية منها والإفريقية والايبيرية والأورومتوسطية والآسيوية إيماناً من المغرب بأن جوهر الحضارات هو التفاعل لما فيه خير الإنسانية جمعاء. وقال في الرسالة (إن الصدام لا يكون إلا بين الجهالات أما الحضارات فإن جوهرها التفاعل لما فيه خير الإنسانية جمعاء في نطاق احترام خصوصيات الهويات والثقافات).
وأضاف (كان المغرب في طليعة المساهمين في قمة نيويورك الأممية الخاصة بتحالف الحضارات) منوهاً بانخراط الأمينين العامين للأمم المتحدة السابق والحالي في تفعيل نتائجها بجعل المنتظم الأممي يعزز هذا التوجه الإنساني النبيل في ميثاقه. ودعا العاهل المغربي الجميع إلى التصدي إلى النزعات الهدامة المحدقة مؤكداً أن الحضارات الإنسانية ليست سوى سلسلة مترابطة ومتكاملة الحلقات وهي بذلك ملك للبشرية كافة..
وقال (إن الهدف الأساسي هو انبثاق نظام عالمي منصف ومتعدد الأطراف يجعل من العالم قرية للإنسانية جمعاء تسودها قيم الإخاء والمساواة والديمقراطية والتنمية المشتركة والتضامن الإنساني لمواجهة خصوم الإنسانية كافة وهي الفقر المادي والبؤس الفكري والجهل والإقصاء والتهميش والتعصب والظلم والقهر والعدوان والإرهاب).
وأضاف (أن هذه الآفات هي أعداء الحضارات التي ينبغي أن يكون التصدي لها عماد تحالف الحضارات العريقة لبناء مستقبل أفضل للإنسانية). وأكد عدد من المداخلين في الجلسة الافتتاحية للندوة الأهمية التي يكتسبها تعزيز مبادرة تحالف الحضارات وسبل مد جسور الحوار في فضاء يشهد تنوعاً ثقافياً فرضته سياقات العولمة وذلك من أجل التقريب بين حضارات الشعوب في العالم إجمالاً والفضاء العربي الإفريقي الايبيرو أمريكي على الخصوص. وأبرز المتداخلون أيضاً أهمية محور هذه الندوة التي ستشكل منبراً للانكباب على دراسة القضايا المرتبطة بإرساء سبل السلم والأمن الإقليمي والدولي.
تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة منتدى أصيلة المنظمة للموسم الثقافي الدولي لأصيلة إلى 23 أغسطس الحالي تستضيف هذه السنة 400 مشارك من مختلف مشارب الفن والثقافة والسياسة من العالم.