دعا الرئيس التنفيذي لأحد الأسواق الغذائية إلى ترشيد استهلاك الأرز لخفض كميات الطلب. وصرح بأنّ دول الخليج تستهلك 75% من حجم إنتاج الأرز البسمتي في الهند وباكستان، وإنّ 95% من السعوديين يرمون ما بين 30 - 40% من الأرز في براميل النفايات، في حين ينفقون سنوياً ثلاثة مليارات ريال لشرائه.
ولأنّه لا بدّ لنا من مسلسل طويل يغيبنا عن الواقع! فإنّ مسلسل غلاء الأرز يبدو أنّه ما زال في حلقاته الأولى، للدرجة التي أصبح التجار يدعون الناس لترشيد الاستهلاك تماماً، مثلما تفعل شركة الكهرباء التي ما فتئت تطالب بالترشيد دونما جهود توعوية منها عدا عبارة مكررة تكتبها في فاتورة الكهرباء، وكأنها مرغمة! فهي تود مضاعفة أرباحها عن طريق زيادة الاستهلاك، إلاّ أنّ استعداداتها الآلية لا تكاد تكفي للأحمال! بينما لا أجد مبرراً للتجار من دعوتهم الناس لترشيد استهلاك الأرز وهم المستفيدون على كل حال، سيما وأنّ بوادر أزمة جديدة تلوح في الأفق بالتزامن مع زيادة معدّلات التضخم وارتفاع حجم الطلب العالمي على الأرز، مع فرض الدول المصدِّرة قيوداً جديدة على تصديره؛ مما أدى إلى ارتفاع الأسعار مجدداً في الأسواق المحلية.
يأتي ذلك مع قرب دخول شهر رمضان، ولعلّ غلاء الأرز يكون فرصة لمن أدمنوا على أكل هذه الوجبة الدسمة للتقليل منها أو إلغائها من المائدة الرمضانية التي ينبغي أن تتسم بالبساطة .. فالشهر الكريم يأتي سنوياً لتقليل الاستهلاك واختزاله بوجبتين خفيفتين مع صرف الوقت للعبادة والتأمُّل، سيما أنّ البطنة تذهب الفطنة، والعبادة تتطلّب التفرُّغ لها مع الفطنة !
والمؤلم أننا لم نكد نستيقظ بعد من إنفلونزا الطيور حتى فوجئنا بغلاء الأرز! ولو كان الأرز من الحيوانات لأصابه ما أصابها من جنون كالبقر أو نفوق كالغنم والإبل أو إنفلونزا كالطيور، وربما أصابه النقص والغلاء بسبب الإفراط والإسراف فيه والتخلُّص من الفائض برميه في براميل النفايات.
ولو تدبّرنا أسباب ما حصل للحيوانات والطيور لأرجعناه للمغالاة في الأكل والاستهلاك، حتى أصبحت الوجبة الواحدة لا تكاد تخلو من اللحوم والدجاج. حتى لم يكن من المستغرب أن يأكل المرء أكثر من ثلاث وجبات تحتوي على أنواع اللحوم.
أمّا الأرز فقد أصبح يُشكَّل بطرق بارعة في (إعداده وتقديمه) ولا يؤكل منه إلاّ القليل والباقي تتولّى الخادمة (إخراجه) لبراميل النفايات! في الوقت الذي تضرب العالم مجاعةٌ لم تشهدها البشرية من قبل. وهنا لا بدّ من استشعار النِّعم حتى ولو كنا نستطيع توفيرها، فينبغي توقيرها بالشكر وتقييدها بالتدبير، فلا تفيض عن الحاجة.
إنّ رسالة الأرز لا تفتأ تذكِّرنا كل حين وتقرع الجرس كي نصحو من غفوة طالت، وبلوى اجتاحت، وإن لم نستيقظ من غفلتنا فقد نتعرّض لسخط الله ونفقد نعماًَ كثيرة، وجدير بنا أن نعبده كما أمرنا، ليرزقنا كما وعدنا.
rogaia143@hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342