Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/08/2008 G Issue 13102
الثلاثاء 11 شعبان 1429   العدد  13102
عاجل للإفادة
أحاجي التضخم وعقول المستهلكين!
فهد العجلان

تركت بلاد العم جان بول (بريطانيا) قبل أيام ولا حديث لأهلها سوى مقال وزير الخارجية ديفيد ميليباند وقرار شركة الغاز البريطانية British Gas برفع أسعار الوقود بنسبة 44% في السوق المحلي يتخللهما الجدال الممتع عن تفضيلات المشاهدين في برنامج الأخ الأكبر Big Brother... ولاني معني بالاقتصاد أكثر من غيره فسأقصر طرحي في هذا المقال على موضوع زيادة أسعار الطاقة في البلاد التي لم تعد تشرق عليها الشمس! والدرس الذي يمكن ان تتعلمه شركاتنا في المنطقة العربية اجمع من شركة الغاز العملاقة التي بدأ تداول أسهمها في البورصة في منتصف الثمانينات الميلادية بعد تجربة الخصخصة التي طالت الشركات الحكومية البريطانية في الحقبة (التاتشريه).

في صبيحة يوم إعلان الزيادة أشرقت صحيفة التايمز اللندنية العريقة على قرائها بمانشيت في صفحتها الأولى (الملايين يواجهون فاتورة وقود شهري بـ100 باوند!). وجاء في خبرها الرئيس وصف أحد المراقبين لهذه الزيادة بأنها الأكبر في أسعار الطاقة في تاريخ بريطانيا...

هذا الخبر الجلل كما يقول النحاة كان يمكن أن يضع الشركة في صورة الاستغلال والجشع كما يصف إعلامنا زيادة الأسعار التي تلهب جيوب مواطنينا في طول البلاد العربية وعرضها لكن الشركة الحصيفة وفي ذات اليوم الذي نشر فيه خبر الزيادة نشرت إعلانات ذات مساحات مختلفة ومدفوعة الثمن في جميع الصحف تعتذر فيه للمستهلك عن هذا الارتفاع وتقنعه بان هذا الإجراء جاء لحماية مصلحته أكثر من مصلحة الشركة...

تقول الإعلانات (دعنا نشرح لك عزيز العميل ما الذي نقوم به من اجل أن تحصل على الطاقة بأسعار تحت السيطرة) وفي الصفحة الثانية ثم الثالثة سرد للأسباب التي دفعت الشركة لاتخاذ هذه الخطوة معلنة مشاطرتها الجميع القلق بشأن مستقبل أسعار الطاقة وكاشفة في الوقت نفسه عن ارتفاع أسعار الجملة لسلعة الغاز خلال ال6 أشهر الماضية بسبب انخفاض احتياطيات الغاز في بحر الشمال والبحر الايرلندي بنسبة 60% الأمر الذي يعني حاجة الشركة للمنافسة في سوق الغاز العالمي من خلال المحافظة على الأسعار المرتفعة في الداخل، وأكدت الشركة بشكل رسمي أن عدم اليقين المحيط بأسعار الجملة للغاز في السوق العالمي دفعها للسعي إلى حماية المستهلك من أي زيادة محتملة في المستقبل بسبب تغير الظروف وان هذه الزيادة الحالية ستكون بمثابة تسعيرة ثابتة ضد أي ارتفاعات محتملة للغاز أو الكهرباء حتى عام 2011م..

وفي صفحة أخرى تعرض إعلانا عن استعداد الشركة من خلال فريق العمل لديها بتقديم توصيات ونصائح للعملاء كل حسب ظروفه لتساعده على تخفيض تكلفة استهلاكه من الغاز والكهرباء والتوفير في قيمة الفاتورة..

تأثرت كثيرا وأنا أقرأ إعلانات شركة الغاز البريطانية وأقارن تصرفها الذي ينم عن الشفافية واحترام المستهلك بموجة التضخم التي تجتاح بلادنا العربية فتجد الشركات والمصانع ومقدمي الخدمات يتسابقون على رفع الأسعار وإعادة التسعير دون بيان للأسباب الحقيقية أو المبررات التي تدفعهم لقرارات كهذه والآليات التي اتخذوها لتحديد نسبة هذه الزيادة! ولذا كان من الطبيعي هدر الأوقات وتحبير الأوراق من قبل الإعلام والمحللين والكتاب في البحث عن أحاجي التضخم ومبرراته في منطقتنا! سلع رئيسة ارتفعت أسعارها وتضاعفت في غضون أسابيع وليس اشهر ولا أحد يعرف أين سيتوقف قطار الارتفاع والى أي محطة سيصل! نحن بحاجة حقيقية في أسواقنا العربية إلى شركات تحترم عملاءها وتمارس الشفافية لتدفع ثمنها لا أن يدفعه غيرها!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 959 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد