يقول المثل الشعبي المصري (ماقدرش على الحمار أتشطر على البردعة) وهذا ما ينسحب على صاحبنا الذي بعد مشادة كلامية مع مديره في العمل اشتد غضبه وارتفع إفراز الأدرينالين عنده غضب جامح وعيون يتطاير منها الشرر ونفسية بالغة السوء عاد إلى منزله ولم يجد أمامه إلا أسرته البريئة وبدأ في تفريغ شحناته المكبوتة وإبراز عضلاته الضامرة على المسكينة زوجته وأولاده الصغار ولعمر الله إن هذا الأمر غاية في الظلم ومنتهى القسوة وأنموذج لضعف الشخصية ونقص القدرة على الصراحة والمواجهة والحزم وهؤلاء الأشخاص غير قادرين على كظم الغيظ تماماً والعفو عن الناس وقهر الآخرين والتعدي عليهم ويريدون إثبات أنفسهم عند غيرهم لكن ليست لديهم الجرأة الكافية لذلك، فيستعملون الإزاحة للتخفيف عن معاناتهم الداخلية ولا يرقبون حال الآخرين ونفسيا تهم وأنهم بريؤون من أي ذنب براءة الذئب من دم يوسف. وليعلم هذا الرجل أن هذا التصرف ليس من شيم الرجال ولا من صفات المؤمنين وتذكر قوله تعالى تعالى:
{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} (164) سورة الأنعام، وقال تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، رواه مسلم.
وهذا التصرف يسمى في علم النفس بالإزاحة النفسية وهي حيلة نفسية تمارسها النفس دون شعور فإن الظلم الناتج عنها مضر لها ولغيرها ولذا لا ينبغي ترك الإزاحة تأخذ مجراها على رؤوس من هم اضعف منا ومن لنا سلطة عليهم وقوة. ولعلك تبرد على حرارة الموقف بذكر الله واستصحاب مواقف سابقة ظلمت فيها من غيرك. اجعل من زوجتك وأولادك ماء باردا زلالاً وظلا يقيك حرارة أمثال تلك المواقف وتذكر دائما أنه عجز منك وضعف أن تمتد يدك بالعقوبة إلى غير من أذنب في حقك.