بداية والله إني لا أريد نبش قبر صدام حسين ولو أن أهل العراق لازالوا إلى اليوم ينبشون القبور الجماعية ويتعرفون على رفات قتلاهم ولكنني اليوم أريد أن أتحدث عن مصير الطغاة لاسيما الذين عايشناهم نحن أبناء القرن العشرين لذا فإنني أتذكر وقبل عشر سنوات مضين أن شاهدت صورة لمجرم الخمير الكمبوديين الحمر (بول بوت) وكانت الصورة له في المعتقل بانتظار المحاكمة على جرائمه البشرية وإباداته الجماعية في الهند الصينية وكان منظراً يبعث على الأسى (على الأقل بالنسبة لي كشاعر(!!) إذ كان ذلك المرعب الخطير يجلس وحيداً في الزنزانة بعينين زائغتين ولحية حديثة النمو مبعثرة وغير مكتملة الكثافة كدأب سكان تلك البلاد، وقد كتب تحت الصورة هكذا أصبح (بول بوت) الذي كان اسمه يثير الرعب فلم يبق له سوى قدم عرجاء ولحية غير مكتملة النمو!!
وبالطبع علقت أنا على الصورة هل يتعلم صدام من هذا المشهد ويصير (خوش ازلمه) مع شعبه أم سيكون مصيره مثل بول بوت، وبالطبع مضت السنوات ووضع صدام في السجن ولم يكن معه من حطام الدنيا سوى لحية كثة وقدم عرجاء - أي مثل بول بوت تماماً(!!) وهذا والله ما أشرت له في تلك المقالة.
* * *
وبالصدفة ويا سبحان الله الذي يمهل ولا يهمل ثمة طاغية ثالث لقي نفس المصير هذه الأيام ألا وهو القائد السياسي لصرب البوسنة كرادتش إذ نشرت له صورة في السجن أيضاً وبلحية كثة وقدم عرجاء!! ولكن بفارق جد بسيط عن صدام حسين وبول بوت ف(كرادتش) معروف عنه أنه شاعر لا يشق له غبار في بلاده قبل أن يتحول إلى طاغية بينما صدام حسين لم يكن شاعراً في حياته ولكنه كتب الشعر (اللي لك عليه) في السجن!! بينما بول بولت يقال إنه كان يضع الأناشيد الحماسية ل(خميره) أو حميره الحمر الذين أوصلوه إلى ذاك المشهد البائس فهل يتعلم الطغاة؟