هناك خيط رفيع جدا، بين الكوميديا الساذجة والكوميديا الراقية، وإذا رحنا نبحث في هذا الموضوع سنظل نتحدث كثيرا، ولكن الشيء الذي يفصل بيننا هو المادة الكوميدية ذاتها، فهي التي تعطينا أحد الانطباعين فاصلة بين الجدل المتداخل المتوقع.
أما الانطباع الجميل الذي يجعلنا في منطقة الكوميديا الراقية، فهو الانطباع الذي تعكسه كتابات الفنان سعد المدهش ذات الحس الكوميدي العالي، وأداء الفنان حبيب الحبيب الذي يدهشنا بكل ما يقدمه من أعمال كوميدية راقية.
لا نظن أحدا يشعر أمام هذا الثنائي الرائع (بالسماجات) و(الحماقات) التي عادة ما نلحظها عند الكوميديين المتكلفين لأن المدهش والحبيب مطبوعان كوميديا، والنكتة الراقية تجري في عروقهم مجرى الدم.
ومسلسل المقطار الذي يجري تصويره في (العاذرية) يستعرض فترة الثمانينات الهجرية في منطقة نجد، مركزا على أساليب العيش وطبيعة المشكلات الأسرية وشكل البيع والشراء وذلك من خلال قصص اجتماعية متداخلة يتخللها كم هائل من كوميديا الموقف التي لا تملك أمامها إلى أن تضحك من الأعماق دون أن تشعر بأي استخفاف أو استهبال.
في تقديري أن المسلسل سيكون انطلاقة مدوية لدى الحبيب كبطل بطولة مطلقة لأول مرة، في حين سيكون انطلاقة أخرى قوية للمدهش الذي يكتب عن فكرة عاشها بكل جوارحه وتعد جزءا من كنوزه الثمينة التي يحتفظ بها من زمن طويل.
كانت الزيارة التي سعدنا بها كثيرا لمواقع التصوير في العاذرية تشير أن الفريق يعمل بشكل منظم وتحت إدارة واعية تحترم الجميع وتسير وفق خطة عمل منهجية لا مجال فيها للخلل والاجتهادات، وينتشر في المكان روح معنوية عالية وقفشات كوميدية متتابعة تلطف الجو وتزيل شيئا من الإرهاق والتعب.
كل ذلك زاد قوته فنيا وجود الفنانة البحرينية المتألقة هيفاء حسين، والفنانة البحرينية المخضرمة لطيفة المجرن، والفنانة العمانية الكوميدية فخرية خميس، والفنان القدير راشد الشمراني وهذا يشير إلى اختيار موفق من إدارة الإنتاج يشير إلى نظرتهم الفنية الثاقبة في اختيار شخصيات مبدعة تتناسب مع طبيعة شخصيات العمل.
والأجمل أن يكون خلف هؤلاء المبدعين طاقم فني يشكلون دعما فنيا بدءا بالمخرج الكويتي المبدع حسين أبل مرورا بمعاونيه وطاقم التمثيل انتهاء بالجنود المجهولين من الشباب المتميز الذين يشكلون دعما في الجوانب الفنية والإدارية للمسلسل.
المقطار.. مرحلة انتقالية في فن الكوميديا ومدرسة جديدة ستؤسس لهذا الفن باقتدار.
Ra99ja@yahoo.com