أن تتحول فتاة عاطلة إلى طقاقة فهذا أمر مقبول، ولكن أن تمتهن ممرضة مهنة (الطقاقة) فهذا هو الغريب، في إطار بحث الفتيات السعوديات عن وظائف غريبة ومثيرة.

ممرضة تعمل منذ عشرة سنوات ولا يزال مرتبها في حدود 8 آلاف ريال - وفقاً لما نشرته صحيفة الرياض عدد الجمعة 15-8-2008م ماذا بوسعها أن تعمل في ظل محاصرة الغلاء للأسر السعودية وفي ظل البطالة بين الفتيات والشباب والتي وصلت إلى 5% ومن له حيلة فليحتال، وهذا ما أوجد في السنوات الأخيرة موجة جديدة من الوظائف التي لم تكن مألوفة قبل سنوات خلت، فمكاتب الاستقدام تدرس تشغيل الفتيات على وظائف مشرفات ومسوقات ومراقبات، إضافة إلى تزايد نسبة سيدات الأعمال في مجال البيع والسمسرة والعقار وتزايد الإقبال على مهن السجانات وحارسات الأمن، وكذلك وظائف الطيران فشاهدنا طيّارة سعودية ناهيك عن وظائف التسويق والمذيعات في القنوات الفضائية وفي بعض الصحف المحلية، وهذا بالطبع حق مشروع كفله الدين لكل فتاة جادة في البحث عن عمل شريف، ولكن تظل الطقاقات الأكثر انتشاراً من بين المهن النسوية في السنوات الأخيرة وذلك لسهولة الانخراط فيها دون شروط معقدة، ولكثرة مردودها الذي يسيل له اللعاب، فلكم أن تتصوروا أن أجر إحدى الطقاقات المشهورات وصل إلى 50 ألف ريال في الحفلة الواحدة، وأخذت أقارب بين ما تحصل عليه هذه الطقاقات وبين ما أحصل عليه من الصحافة فوجدت أنني أحتاج إلى عامين وسبعة أشهر حتى أصل إلى أجرها في الليلة - اللهم لا حسد - وهذا ما جعل هذه المهنة مزدهرة ومتطورة تواكب العصر من حيث وجود فرقة كاملة بآلاتها الموسيقية والكوادر البشرية، وتضطر الطقاقة في ظل المنافسة الحادة في موسم الصيف أن تزين نفسها وفرقتها بأحداث صيحات الموضة وبأجمل الأكسسوارات والتسريحات والمكياج والذي منّه، فأشهر الصيف مخصصة للزواجات في الغالب وهي موسم الطقاقات - كما أسلفت - لذلك تنهال الحجوزات على الطقاقات قبل الإجازة بحوالي ستة أشهر، وتصل ذروة الحجوزات في الغالب إلى قبل الإجازة بثلاثة أشهر الأمر الذي استوجب توظيف سكرتيرة لترتيب المواعيد واستلام العربون، وتشترط الطقاقات إذا كنّ من مدينة أخرى غير مدينة العرس أن يُخصص لها مكان لائق تقيم فيه وتذاكر سفر (أحياناً درجة أولى)، وربما غيّرت الطقاقة رأيها وتنازلت عن شرط السفر جواً في أيام الصيف حفاظاً على مصداقيتها أمام أهل العرس فمواعيد الرحلات المحلية تتأرجح بين التأخير والإلغاء ومصداقية الطقاقة باتت أكثر من مصداقية بعض شركات الطيران المحلية!

ونسيت أن أذكر لكم أن أجور الطقاقة لا تشتمل (النقطة) وهي تلك المبالغ التي تتناثر على الفرقة وعلى الراقصات من أهالي العروسين، وكذلك (النقطة) المخصصة لأغنية معينة أو ذكر أسماء بعينها.

إنه عالم مليء بالمفارقات، ولكنه عالم لا يشترط الملف العلاقي الأخضر الذي يُرمى فيما بعد في سلة مهملات البيروقراطية، حيث جاءني أحد الشباب من الـ20% الذين أعلنت وزارة التعليم العالي عدم مسؤوليتها قبولهم يحمل شهادته في الثانوية العامة بمعدل 95 ولم يتم قبوله في أي جامعة ولا كلية ولا معهد.. وقال بنبرة الأسى: لا أدري ماذا أفعل، فقلت: هوّن على نفسك (يعني ماذا فعل خريج الجامعة؟)، فقال ماذا تقترح، فقلت له بثقة: اتكل على الله واشتغل طقاقة!