الحياء غير خافٍ ما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة من الدلالة على وجوب إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذا إجماع الأمة في المجتمع فقد قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والآيات كثيرة. ولقد فسر ابن كثير هذه الآية بقوله (والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه).
ومن هذا المنطلق تتضح لنا أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخطورة تركه أو التهاون فيه على المجتمع بأسره ذلك أن خيرية الأمة مرتبطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ونحن هنا حين نتحدث عن خطورة ترك هذه الشعيرة ليست على سبيل الإهمال بقدر ما هو درء لمرض خطير قد يدخل لنفوس بعض القائمين بهذا العمل على مستوى التكليف الرسمي من ناحية وعلى مستوى المسؤولية الفردية لكل مسلم في المجتمع على من تحت ولايته من زوجة وذرية من عدم الاستجابة ورؤية النتيجة. فمعلوم أن استجابة الناس مطلب وضرورة لكن مما ينبغي أن يوطن المحتسب عليه نفسه أن الاستجابة لعمله ليس من الاشتراط لكي يتحقق له الأجر والإعذار إلى الله وبراءة الذمة فقد قال تعالى: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}، كما أن الحكم على الناس بعدم الاستجابة والاستفادة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور الغيبية التي لا يعرفها إلا العليم الخبير حيث إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع رب العباد يقلبها كيف شاء، وما أسهل على الله تقليبها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث شاء). وفي هذه العجالة لا يفوتني سبب رئيس في إقامة هذه الشعيرة مقابل هذه الحجة وهو أن إقامتها يأتي أولاً وآخراً من باب وجوب التأسي بالرسول الكريم في الأمر والنهي فقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
كما لا يفوتني في هذا المقام على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قلنا توجيه إلهي شرعي لا يمكن أن يكون كالثوب يفصل على مقاس أي عمل اتضح خلله وزيف مبدئه.