عدد كبير من خريجي كلية المعلمين ومن التخصصات الجامعية (التربوية) المطلوبة من قِبل وزارة التربية والتعليم يعيشون جوَّاً مفعماً بالإحباط والملل.. منتظرين صدور قرار تعيينهم في إحدى القرى أو الهِجَر ليبدؤوا مسيرة جديدة في حساب الزمن.. متسائلين، يائسين: متى سيأتي دورنا؟!.
ما إن يصدر قرار تعيين أحدهم (حديثاً) في المدينة التي كان (يحلم) بالعيش فيها حتى تتصاعد صيحات التضجر معلنةً (نفاد) صبرها من هذه المهنة ومن هذا الكادر (التدريس) الذي يَفضُل العديد من الوظائف الإدارية بنسبة لا بأس بها، لتكون خير حافزٍ لكل معلم صابرٍ (محتسبٍ) على تعليم الطلاب.
الكل يعلم عن تلك التجاوزات التي ترتكبها بعض المدارس الأهلية بحق المعلمين (السعوديين)، وفي مقدمتها الرواتب لا أقول الضئيلة ولا القليلة بل المتدنية جداً، فقد يصل راتب بعضهم إلى الألف وخمس مائة ريال؟! تخيلوا، شاب جامعي (مؤهل) يعمل من السادسة صباحاً حتى الثانية والنصف بعد الظهر بالإضافة إلى النشاط المساند للعملية التعليمية، ليقبض هذا المبلغ الزهيد - في نهاية الشهر - الذي يعف عن استلامه بعض الوافدين!؛ إذ كان الواحد منهم لا يرضى بهذا المبلغ ليعمل حارساً لإحدى الاستراحات الخاصة بشمال الرياض مع تكفُّل رب العمل بالمسكن والمأكل والمشرب الذي يصل إلى حد الترفيه، ففي الغالب يشترط هؤلاء تلفازاً وقنواتٍ فضائية معينة لا نشترطها نحن في فنادق الخمس نجوم الأوروبية!، الأمر الذي حدث مع صاحبكم أثناء تفاوضه مع أحد العمال. قد يسأل البعض عن سبب حدوث هذه المفارقة في بلدٍ تجاوز فيه سعر النفط المائة والثلاثين دولاراً!، بالتأكيد أن المسألة شائكة ومعقدة تعقيداً قد يتجاوز أبعاد الكثير من القضايا التي يناقشها أصحاب الرأي والمشورة في بلادنا العزيزة؟.
الأمر الذي يثير الاشمئزاز أن أصحاب هذه المدارس الأهلية قد وصل بهم التبجح إلى تأخير رواتب معلميهم (الزهيدة) دون أي مراعاة لمشاعرهم أو حتى لالتزاماتهم المتنوعة، فلا بد أن يمنوا عليهم بها!، فقد يكون أحدهم مسؤولاً عن أسرة طويلة عريضة، والبعض الآخر متزوجاً!.. يروي لي أحد الزملاء الذي يعمل مدرساً في إحدى هذه المدارس (المعروفة) التي شغلت الناس بإعلاناتها وشعاراتها المتفرقة في كل جانب وبمختلف وسائل الإعلام، شعارات وضاءة تحمل في محتواها أجمل مكنونات التعبير، بالإضافة إلى أن هؤلاء يفرضون على الطلاب رسوماً دراسية عالية ولهم الحق في ذلك.. وبعد كل هذا وذاك يضطهدون المعلمين (السعوديين) بتلك الرواتب المتدنية!، فيؤكد لي هذا المعلم وزملاؤه الذين أمضوا سنين في خدمة هذا الصرح التعليمي أنهم لا يتقاضون راتبي شهري شعبان ورمضان إلا في شوال؟!, علماً بأن ذلك ليس حكراً على سنة معينة ولكنه يتكرر كل عام، لماذا كل ذلك؟ ومَن المسؤول عنه؟ نرفع هذا السؤال لوزارة التربية والتعليم، لعل الطرشان يسمعون!
Alfaisal411@hotmail.com