شارع (النبي دانيال) في (الإسكندرية) شارع حيوي، تجاري، ثقافي، نشط.
- حيوي بحركة بشرية دؤوبة..
- تجاري بمحلاته والحوانيت..
- وثقافي بأكشاك الكتب القديمة الممتدة على مساحة جيدة بطول الشارع (شارع النبي دانيال).. لا تختلف عن أكشاك الكتب في (سوق الأزبكية) في القاهرة سوى أنها في
الإسكندرية في سوق حيوي يسهل من خلاله الوصول إلى الكتب.. بينما (سور الأزبكية) منعزل، الوصول إليه صعبٌ (نسبياً) حتى أن أغلب سائقي الأجرة هناك لم يسمعوا به.. أو لا يعلموا بالدقة أن هناك كتباً معروضة للبيع..
شارع (النبي دانيال) أشعر أنه لم يأخذ حقه أدبياً، وفي مجال السرد كما أخذت (القاهرة).. وحتى لا أكون قاصرة في الموازنة بين شارع ومدينة.. أتوسع في أن الإسكندرية نفسها لم تأخذ حقها السردي والتاريخي أخذ القاهرة له..
(مقهى إيليت) في الإسكندرية، في شارع صفية زغلول الشهير بالإسكندرية وعلى مقربة من ميدان محطة الرمل، أحد أشهر مقاهي الجالية اليونانية في الخمسينيات من القرن الماضي، كان محط لفت أنظار السياسيين والأدباء والفنانين.. كتبت عن المقهى قبل أشهر قليلة إحدى صحفنا.. ذكرت أن كثيرين مروا على المقهى!! ولم ينل المقهى الشهرة التي نالتها مقاهي القاهرة..!!
سألت صديقي عن المقهى فأفادت بأنها لم تسمع به.. وصديقتي هذه من عشاق مصر.
فهل تسعفني الظروف هذا العيد (كل عام وأنتم بخير) في زيارة الإسكندرية وزيارة شارع النبي دانيال والمقهى؟
هكذا رتبت مع أبنائي.. وأتمنى على الله التحقيق.
***
شارع النبي دانيال سبق أن أخذتني إليه (سكة سفر) صيف 2006م.. وليس (سكة سفر) نبيل شعيل.
بدا لي جميلاً جداً والطلب على الكتب ضئيلاً جداً جداً.. حتى أني سألت مرة شخصاً هناك واستفسرت منه عن ضعف الحركة القرائية في مصر فذكر أن التراجع المادي والوضع السيئ للفرد أبعده عن الكتاب والثقافة..!!
فهل كان الوضع والوضع المادي أحسن في زمن نجيب محفوظ.. طه حسين.. توفيق الحكيم.. أم كلثوم.. عبدالحليم.. فريد الأطرش.. رياض السنباطي.. بيرم التونسي..
هرم.. بل أهرامات لم نعد نرى مثلها.. ولم يصنع التاريخ الحاضر ما صنعه تاريخ الماضي.. لماذا؟
أن نأتي من مملكتنا طمعاً في زيارة سياحية وتتبع الآثار الثقافية والفكرية والفنية فنصدم أن الناس.. ناس المكان في شغل عنها.. نصاب بخيبة أمل..!!
سكك السفر تحرض على سكة ثانية ومائة.. إذا تشبع الذهن والعقل وتشبعت العاطفة في السفر.. في سكة السفر نلتقي أشخاصاً غرباء عنّا ونرحب بلقائنا بهم الذي قد لا يدوم سوى ساعات.. ننتقل معهم من شارع إلى آخر.. ومن كشك كتب إلى كشك.. نتبادل أطراف الحديث.. نتحاور.. نرفض ونؤيد.. وإذا حانت لحظة الفراق تفرقنا دون رغبة في تكرار اللقاء..
لقاءات عابرة ثرية قد لا تشبع نهم ثلة في حين أنها تترك أثراً متيناً في ذهني..
لست مع حصر الفرد نفسه أثناء سعيه الثقافي الحثيث والسعي الفكري في بوتقة شخص محدد أو أشخاص غلف نفسه بهم وتغلفوا.. ولا ندمن لقاءات (سكة سفر) العابرة بتاريخ الصلاحية الذي ينتهي بسرعة..
ربما يطبع في ذهنك موقفاً متواضعاً من سائق أجرة.. أو عامل نظافة.. أو شحاذ أشد مما يطبعه مثقف أو أكاديمي أو مسؤول.. فسكة السفر التي نندفع نحوها تخلع عنّا كل رداء عرفنا به في وطننا لتقدمنا برداء آخر مختلف.. ولكنه محبب وجميل..
ومن سكة سفر هذا العيد التي أقطعها في القاهرة متنقلة أعجبني سلوك ديني اجتماعي نأتي به كل عام في رمضان مع اختلاف المسميات..
لدينا نطلق عليه (إفطار صائم).. هنا في القاهرة مسماه (مائدة الرحمن).. مسمى يبحر بك في مائدة ليست ككل الموائد.. ليست مائدة بشر.. وإن كان من أعد لها بشر مقتدر.. مائدة الرحمن..
مائدة الرحمن ليس أن تكون فقط عامرة بما لذ من الأطعمة بل بالنية التي من أجلها وضعت وقد قرأت في صحيفة الجمهورية ما آلمني عندما ذكر أن موائد الرحمن تقام على استحياء ويعتبرها أهالي القرية عيباً كبيراً.. ولا أدري أن يكمن العيب والهدف الديني بيّن واضح!!
يكفي أن المسمى عندما أطلق كان واسعاً في دلالاته.. وقد وددت لو تمكنت في دخول مائدة ما، أو السؤال عن موائد للنساء كي أرى الفرحة في أعين المساكين ستصل بهم إلى أي مدى؟ وما أكثر المساكين هناك!
***
سكة سفر نقطعها ذهاباً وإياباً.. قد نقطعها ذهاباً فرحين بالسفر إلى مكان محبب إلينا.. ونقطعها إياباً حزانى لترك ذلك المكان.. وربما العكس صحيح.. إلا أن سكة السفر أي سكة لابد أن تترك أثراً في ذهن من يتلمس الأثر.. وما أكثر ما تركت من آثار في ذهني.
taboohfm.maktoobblog.com
happyleo2007@hotmail.com