العفو عن السجناء قبل بداية شهر رمضان المبارك مكرمة ملكية كريمة فريدة من نوعها اشتهرت بها قيادات المملكة السياسية الحكيمة منذ عهد باني هذه الأمة وهذا الوطن الغالي المعطاء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وحتى عهد ملك الإنسانية الملك الإنسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله.
تلكم حقيقة إنسانية وشرعية دينية إسلامية دامغة، بل وواقع إنساني مجيد وفريد من نوعه اشتهرت بها المملكة كدولة وكوطن وكمجتمع إنساني متمدن ومتحضر يؤمن بالعفو عند المقدرة تماماً كما يؤمن بالعفو عمن ارتكبوا أخطاء أو جنحاً أو تجاوزات أو حتى جرائم. لكن يجب ألا تكون تلك الجرائم من ضمن الجرائم التي تهدد أمن واستقرار الوطن والمواطنين والمقيمين فيه.
إذ من المعروف أن العفو عن سجناء الحق العام، وإن جاء كمكرمة ملكية كريمة، لكن لكل قاعدة استثناء، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالسجناء الذين يهددون أمن واستقرار ورفاهية الوطن والمواطنين. فالقواعد الأساسية لهذه المكرمة الملكية الإنسانية تضمنت استثناءات هامة ومهمة من العفو شملت إلى جانب كل من يمس أمن الوطن والمواطنين والمقيمين، جميع المجرمين العتاة، والمجرمين الخطرين الذين اعتدوا على حرمات المواطنين والمقيمين، أو الذين سلبوا أموالهم من منازلهم أو ممتلكاتهم بغير وجه حق، ومن نهبوا ونصبوا على المواطنين والمقيمين فسرقوهم أو نشلوا أموالهم وممتلكاتهم الشخصية. لذلك تم استثناء هذه القضايا من العفو عن سجناء الحق العام حرصاً من ولاة الأمر -وفقهم الله- على حماية مصالح الوطن والمواطنين، وتطبيقاً للعقوبات الشرعية على من يهدد أمنهم ويعتدي على حرماتهم.
بيد أن بعض من المواطنين وغيرهم خاصة بعض وسائل الإعلام المشبوهة إما غابت عن عقولهم أو أنهم لم يتنبهوا لهذه الحقائق، أو لنقل لم يعيروها أي اهتمام في ظل اعتقادهم بأن العفو عام عن جميع المساجين دون استثناء يأتي تحت مظلة العفو الملكي الكريم. بيد أن الذي يجب على الجميع، خصوصاً هؤلاء، ضرورة أن يدركوا ويعوا تماماً أن العفو الملكي الكريم يهدف أولاً وأخيراً إلى تحقيق معادلة وطنية إنسانية معروفة وهدف إنساني وطني معروف يركزان على اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية الصائبة التي تعزز من مكانة الوطن والمواطن وتقوي من منعة الوطن وأمنه واستقراره.
بمعنى آخر أدق، هذه القرارات السياسية الوطنية الرشيدة فيها عيون الرحمة والرأفة والسماح والمغفرة لجميع السجناء الذين لا تتعارض تجاوزاتهم أو جرائمهم مع أمن الوطن والمواطنين والمقيمين ولا مع حقوقهم الإنسانية بداية بحق الحياة ونهاية بحقوق ملكية الأموال والعقارات الخاصة بكل مواطن من أبناء هذا الوطن أو من في حكمه ممن يقيمون في الوطن أو يستثمرون فيه.
لقد حرصت قيادتنا السياسية الرشيدة بحكمتها الرصينة وبقراراتها السديدة، وأيضاً بجهود وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية -حفظهم الله- على حماية أمن واستقرار ورفاهية الوطن والمواطنين والمقيمين والوافدين، لأنها القاعدة الأساسية الأولى في إستراتيجية مسيرتنا الوطنية المشرفة.
drwahid@email.com