Al Jazirah NewsPaper Wednesday  01/10/2008 G Issue 13152
الاربعاء 02 شوال 1429   العدد  13152
التأميم لم يعد سمة الاشتراكية
محمد بن سليمان العنقري

اقترن التأميم بالاشتراكية كونه سمتها الرئيسة وقد تغنى الرأسماليون كثيراً بسقوط الاشتراكية والشيوعية التي هي أكثر شمولاً بملكية الدولة للمؤسسات العامة معتقدين أن نظام السوق الحر أثبت نجاحه وأنه الفكر القائد لاقتصاد المستقبل وسيطبقه العالم بأسره عاجلاً أم آجلاً، لكن فلتان سوق الاقراض وواقع الاقتصاد الورقي كان له وقع الصدمة فقد ضرب الفكر الرأسمالي بمقتل وبدل المفاهيم سريعاً، فقد قامت أمريكا الأب الروحي للفكر الرأسمالي بعمليات تأميم شملت كبرى المؤسسات المالية كفريدي ماك وفاني ماي بخلاف شركة التأمين (ايه أي جي) وحتى خطة الانقاذ التي رفضت من الكونجرس قبل أمس تحتوي في طياتها على قرارات تأميمية مما يزيد من ملكية الدولة بالمؤسسات المالية ويعيد سيطرة القرار الرسمي على إدارتها وبالتالي تدخل الدولة بحركة الأسواق التي لم تعد حرة بل مقيدة بعد فرض الكثير من القرارت منها تعطيل آليات البيع على المكشوف، وتبعت أمريكا بريطانيا ودول أوروبية بتأميم العديد من المؤسسات المالية الكبرى لديها مما يعني تحولاً كاملاً بفكر السوق الحر الذي أثبت فشله بثغرات كبيرة استغلها النافذون من رؤساء البنوك الاستثمارية والتجارية والمؤسسات المالية لتعظيم أرباحهم عبر التوسع بسياسة الاقراض واختراع المشتقات المالية التي عظمت قيمة الأصول حتى انفجرت الفقاعة بوجههم وقادت اقتصاديات دولهم إلى المجهول، بل وستسحب المشكلة إلى باقي دول العالم فقد غاب عن ذهن منظري الفكر الرأسمالي إضافة كلمة لعبارتهم الشهيرة (دعه يمر دعه يعمل) ألا وهي (وراقبه) حتى لا تعم الفوضى التي تعيشها الأسواق المالية العالمية حالياً.

واليوم يرى أصحاب الفكر الاشتراكي نفسهم كمنتصرين بقرارات التأميم التي أثبتت لهم أن نظرتهم كانت صحيحة بضرورة وجود الحكومات ضمن ملاك المؤسسات المؤثرة بعصب الاقتصاد وأن التخصيص يجب أن لا يكون بالمطلق فقد يؤدي إلى الكارثة والفلتان الاقتصادي من باب أن الدولة قادرة على ضبط الإدارات وتقف سداً منيعاً أمام جشع البطون الكبيرة.

ولكن كلا الطرفين الاشتراكيين والرأسماليين لهم عيوبهم الكبيرة فمثلما فشلت الاشتراكية بترهل وعقم إداراتها تسقط اليوم الرأسمالية بامتياز مما يتطلب بروز نظريات اقتصادية تحمي الأمم والشعوب من ثغرات موجودة بكلا النظريتين، فما نتج عنهما من كوارث لم يكن انحرافاً بل لوجود المقومات التي سمحت بحدوث هذه الأزمة وغيرها من قبل والمجال مفتوح اليوم أكثر من قبل لبروز الفكر الاقتصادي الإسلامي الذي يعزز مبدأ العدالة والحماية للاقتصاد ولكنه يحتاج إلى منظرين لصياغته وتعميمه.






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد