Al Jazirah NewsPaper Wednesday  08/10/2008 G Issue 13159
الاربعاء 09 شوال 1429   العدد  13159
لما هو آت
فخ الانطباعية..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

كنت أقرأ بعضاً من حصاد نقاد في منتجات أدبية وإبداعية مختلفة...، بصدق..، قلت: كيف يخلص النقاد في الكتابة عن آثار مبدع ما وهم لا يتوخون معايير النقد المتعارف عليها على الأقل في شيوعها...؟

إن هذا النمط الشائع من النقد تتنازعه الآراء الشخصية وربما يحتكم هؤلاء النقاد إلى آراء أصدقائهم ويخطفون عنه جملاً من عبارات جاهزة سمعوها عن عابر كانت له وقفات جفوة مع المبدع أو مع غيره ممن يستأنس هذا الناقد بما يقول...

إذ لا تدل كتاباتهم أو آراؤهم على أنهم يتابعون المبدع الذي يعبرون عنه...، في حين حتى مدارس النقد وإن اجتهد فيها المجتهدون لا تنأى عن الذاتية من حيث الميول ولا عن الاتجاه من حيث فهم الناقد لها، كما لا يخفى نمطية ثقافة ومعرفة وقناعات الناقد المنبثقة من تراكمات شتى تبدأ وتنتهي لذاتيته الخاصة..، وكثيراً ما رأينا من ارتفعت به ريح النقد وهو واهن العظم فكأنما هو فوق سحابها، وكثيراً ما حطت بغيره وهو وافر اللحم وكأنه تحت غبارها...،

ولا ينجو من النقاد أحد...، فما بال أؤلئك الذين يُخضع آثارهم لمعوله ناقدٌ غير ملمٍّ بشمول...، في منأى غير مضطلع بإخلاص...، آخذ من الشجر بالقريب المتدلي إليه من أوراقه...، متأثر بما يقال ولو من قارعة العبور حصادُه...، أو من مجالس الجدل روافدُه...، وإلا كيف يصم النقاد في مجتمعهم آذانهم عمن أصغت إليه آذان المهتمين في خارجه...، أو كيف تطوى الحقب ويخبط النقاد خبطات عشواء لا تدل على أمانة ولا توحي بوعي ولا تعبر عن صدق وإن اجتهدوا في الغرف من النهر... ينسون أنها كشحت ما في دلائهم في وجه الشمس...,

ليست سطوة النقاد في أمان من محكمة التاريخ...,

وليست موجة الانبهار في منأى عن ركود الطمي...,

وليست المغالطات تسلم من مهرة حاذقين ينفضون المنجل حين حصاد...,

التاريخ وحده نقطة الإلتقاء والمحك الدقيق...، كما يحدث دائماً في الحياة..، ولكن متى؟...

والجواب هو: حين يخرج الزمن الحياديين الذين يتتبعون للدراسة والفهم والتوثيق لا أغراض تؤمهم نحو مورد ولا تقصيهم عن آخر...

أؤلئك الذين لا همَّ لهم حينذاك مع المنتَج ولا مع ناقده..، فلا هم قريبون فيتَّبعون...، ولا مريدون فيميلون...، وكثيراً ما تصدى التاريخ فنقب وخرج ما لم ينصف في زمنه...، ولكن...، كما تبدلت قيم كل أمر بما فيها معايير الصدق هل يبقى للتاريخ الآتي لسان صدق...،

من أجل الخروج من مآزق الحرج ربما على المثقفين أن يكونوا حذرين كثيراً في منتَج النقاد العام في هذه المرحلة...، وإن كانت هناك نسمات قليلة تهب من جهة ضيقة بنفحة اجتهاد لكنها ليست تقوى على ريح عامة...,

لو كنت ناقدة لأفنيت عمري في متابعة أمينة لكل ما سيكون ضمن مشروع نقدي حتى أقف فوق بساط صدق...،



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد