شريحة عريضة في مجتمعنا تنظر إلى كل شخص ظهرت عليه علامات التديُّن - والتي يعتبرونها دليلاً على نقاء الشخص وصدق إيمانه - على أساس أنه كائن يختلف عن بقية البشر وأنه شخص منزه عن الخطأ وأن الشيطان يصعب عليه أن يجد طريقاً إليه!!
فهذا أحد الأشخاص أبدى تعجباً شديداً من شخص ظهرت عليه علامات التديُّن حينما علم أن هذا الشخص يماطل في سداد ما عليه من دين كان قد استدانه منه.
وهذا آخر يُبدي أسفه الشديد من شخص كذَّب عليه كذبة عابرة فقط لأنه شخص يحمل معايير التديُّن! حتى أضحى بعض المتدينين حانقاً على مجتمعه حينما يعلم أن هذا المجتمع يحرم عليه الزلل والخطأ الذي هو أصلاً من طبيعة البشر.
هذه الثقافة التي يتبناها المجتمع حول التديُّن ومعاييره الشكلية التي تنحصر غالباً في اللحية الطويلة والثوب القصير هي ثقافة متأصلة في مجتمعنا وهي من أهم العوامل التي ساعدت البعض في أن يتخذوا من تلك المعايير وسائل لتمرير مخططاتهم وتنفيذ غاياتهم الدنيئة.
نسمع من فترة لأخرى أخباراً عن رجال الأمن وكذلك رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم يلقون القبض على أشخاص تلبسوا لباس الدين الذي اتخذوا منه غطاء لاستغلال الناس. ولعل القبض على ذلك البنغالي الذي يعمل مؤذناً في أحد مساجد الرياض وهو في وضع مخل مع خادمة إندونيسية جلبها إلى شقته دليل بسيط على أن البعض يستغل تلك المعايير الشكلية للتديُّن للتغرير بالناس ولإبعاد الشبهات عن أفعالهم المشينة. الإنسان مهما كان شكله ومهما كانت شعاراته التي يرددها هنا وهناك هو في النهاية إنسان معرض للوقوع في الخطأ. ما يجب أن يعيه المجتمع هو أن المتدينين بشر مثلنا تماماً يخطئون ويصيبون.. وهنا يتوجب علينا ألا نثقل كاهل البعض منهم من خلال مطالبتهم بتطبيق مثاليات قد لا يملكون القدرة على تطبيقها!!
fauz11@hotmail.com