في متغيرات القيم لا يعود الصمت حكمة ولا الجهلُ ظلمة ولا الشكوى مذلة؛ فننصت لمن يهذر، وينامُ هانئاً من لا يعرفُ يومه، ويصبحُ مهموماً من يتساءلُ عن غده.
* وقد مدَّ (أبو حنيفة) قدمه بعدما أفصح جليسه عن عيّ، ولو اختبره مبكراً لما اضطرّ إلى التحامل على نفسه؛ ليبقى الإعجاب بالصامتين هو الاستثناء، وكان الناس يتأملون الواجهة المسكونة بالظلال فباتوا يبحثون عن تلك المؤطرة بالشفافية ليبدو الأفق دون أن تخفيه أرض مكوّرة أو عقول مسوّرة.
* يحتاج الناس لمن يحدثهم عن السياسات (المكولسة) كي يدركوا إلى أين تبحر مراكب الأجيال الجديدة التي عاشت الترف وتتخوف كما تتشوف الشظف، وإذ تطمئن بالجهل فإنها تلوذُ به من معرفة مفاجئة قد تقود إلى اليأس.
* الناس بين قلق وأرق هجيراه الحال والمآل، والإفصاح هو الحل، وبخاصة مع تزايد مظاهر العنف والفساد والطائفية، وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، وازدياد الهوة بين التيارات الدينية والمجتمعية، وانحسار المرجعية والموثوقية، ولا يجدي الإفصاح حين يتأخر عن وقته فتنفرد الوسائط غير الرسمية بالتحليل والتعليل وربما أوهمت فتبدلت معها مواقف تصعب استعادتها.
* والناس تطمئن للحقائق والوثائق والمباشرة؛ فلا مكان - لدى من تسكنه هواجس يهود والفرس والروم والأزمات الاقتصادية - للجمل الإنشائية والخطابات النمطية.
* الصمت غياب.
Ibrturkia@hotmail.com