القاهرة - مكتب الجزيرة - علي فراج:
أعادت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر التي أقر فيها بأن حكومة تل أبيب تفكر جدياً في ضرب منشآت طهران النووية الحديث مرة أخرى عن احتمالات لجوء أمريكا وإسرائيل إلى الحل العسكري للرد على المشروع النووي الإيراني. لكن آراء الخبراء والمحللين السياسيين جاءت متباينة، ففي حين استبعد البعض لجوء أمريكا وحليفتها في المنطقة للقوة العسكرية ضد إيران ليس لصعوبة الحل العسكري ولكن لخطورة ردود الفعل المترتبة عليه والتي من الممكن أن تشعل المنطقة بشكل غير مسبوق نظراً لارتباط طهران بتحالفات ليست بالهينة مع أنظمة وحركات مسلحة فضلاً عن أن مصالح أمريكا في المنطقة سوف تكون على مرمى حجر من إيران وأنصارها، فيما يرى آخرون أن الحل العسكري قائم بل أن هناك توقعات بسيناريوهات الضربة العسكرية الموجهة من أمريكا الى إيران مباشرة أو عبر تل أبيب. ويرى أنصار هذه الرؤية أن أمريكا وحليفتها سوف يقدمون على ضربة مباغتة تشل حركة طهران على الرد لكنهم في الوقت نفسة يؤكدون أن ردود الفعل قد تكون مدمرة. وأتفق الخبراء على أن نشوب حرب بين إيران والغرب سوف يجر المنطقة إلى أزمة جديدة تضر بمصالح إقليمية ودولية ويزيد من حدة الاحتقان والتوتر في الشرق الأوسط.
في البداية استبعد الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة عين شمس بالقاهرة قيام إسرائيل أو أمريكا بشن هجمات عسكرية على المشروع النووي الإيراني وقال إن الأحاديث المختلفة حول الحل العسكري لا تخرج عن كونها مناورات وتكتيكات إعلامية تستهدف الضغط على النظام لإثنائه عن استكمال البرنامج النووي. ولفت عبد المؤمن إلى أن الكلام عن الهجوم العسكري يتصاعد كلما أحس الغرب بالفشل في ضغطه على طهران. ولعل ذلك أيضاً هو ما دفع الدبلوماسية الأمريكية مؤخراً بمحاولة إرسال أكثر من رسالة لإيران عبر تحرك جديد من خلال جولة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بالمنطقة العربية، للحصول على دعم عربي يحكم الطوق حول إيران.
وقال عبد المؤمن: (لا أعتقد إمكانية ضرب منشآت طهران النووية؛ فأمريكا تسعى إلى تحقيق المكاسب، وليس إلى تحمل خسائر جديدة، وهي تدرك مدى تكلفة ضرب المفاعلات الإيرانية وتداعياتها على المصالح الأمريكية وحلفاء أمريكا بالمنطقة، مشدداً على أن توجيه ضربة عسكرية لإيران مسألة معقدة جداً ولها حسابات أخرى، وليست مثل توجيه ضربة للعراق أو سوريا، لكن إذا اضطرت أمريكا لتوجيه ضربة عسكرية لإيران فستكون من خلال إسرائيل، وبمعاونة أمريكية. أما الخبير الإستراتيجي اللواء محمد علي بلال مع الرأي السابق فيرى أن الحديث عن ضرب منشآت نووية إيرانية مجرد أحاديث غربية تأتي كوسيلة من وسائل الضغط الأمريكي الأوربي على النظام الإيراني لتطويعه وتليين موقفه، غير أنه لم يستبعد لجوء واشنطن للخيار العسكري، وقال: ربما تلجأ أمريكا لاحقاً إلى تغيير النظام الإيراني لتحل محله نظاماً آخر موالياً لها في حالة عدم استجابة النظام الحالي للتطويع. وتوقع بلال إقدام أمريكا على شن هجمات جوية صاروخية خاطفة لتدمير البنية التحتية الإيرانية وليس لتدمير البرنامج النووي الإيراني بهدف إحداث حالة من الفوضى الداخلية قد تمكن بعض العناصر من داخل إيران من الانقلاب على الحكم. فيما يرى الدكتور عاطف الغمري المحلل السياسي أن إسرائيل لا تستطيع في ظروف الوضع الدولي والإقليمي الراهن أن تتصرف منفردة بمهاجمة منشآت إيران النووية دون إذن من أميركا، فأي غارة جوية إسرائيلية تحتاج تعاوناً كاملاً من الطائرات المقاتلة إف - 15 وإف - 16، فلا يكفي لها أن تطير وتزود بالوقود في المجال الجوي العراقي الذي تسيطر عليه أميركا، مؤكداً أن العملية بكاملها تحتاج دعماً من القواعد العسكرية الأميركية في أرض العراق، أي أن العملية لابد أن تكون إسرائيلية - أميركية مشتركة.