في اجتماع مجلس الوزراء الذي رأسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منتصف شهر رمضان، أكد المجلس ضمن أمور أخرى كثيرة على أن المملكة تسعى دوماً لترسيخ قيم الإسلام الأساسية من خلال تطبيقها للعدل والمساواة والتكافل والتسامح وحق الإنسان في الحياة الكريمة وفي الحرية المسؤولة، وأنها ضمن هذا السياق إنما تعتمد على الإسلام عقيدة وشرعاً ومنهجاً في تناولها لشؤونها الداخلية والخارجية.
***
ولمزيد من الإيضاح فقد أكد خادم الحرمين الشريفين للأمة أمله بأن تكون أيام شهر رمضان الفضيل فرصة لتقويم النفس ومحاسبة الذات والعودة للحق. ويضيف وزير الثقافة والإعلام إلى ذلك أن المجلس أكد على حق الناس في الاختلاف في حدود ما أباحته الشريعة الإسلامية بما لا ضرر ولا إضرار فيه، ضمن آمال خادم الحرمين الشريفين بأن تكون تلك الأيام أيام خير وبركة وتجرد.
***
وفي هذه الإشارات المهمة نرى أنه يمكن لنا عند توظيفها التوظيف الحسن مع ما يجري عندنا وحولنا من سوء فهم للحرية المسؤولة وحق الناس في الاختلاف، أن نستنير بها لمعرفة دورنا الحالي والمستقبلي عند التعامل مع المستجدات والتطورات المتلاحقة على مستوى العالم، بما يغنينا عن الاجتهادات المتسرعة في إبداء الرأي التي تعطي أحياناً صورة مشوهة عن وسطية الإسلام وتسامحه.
***
إن أعداء الإسلام وخصومه على امتداد العالم، جاهزون دائماً ليلتقطوا كل ما يصدر عن مؤسساتنا الدينية وعن علمائنا من آراء ووجهات نظر واستغلالها لمواجهة من يذب عن الإسلام بالكلمة الجميلة والرأي المستنير باستثمار ما يصطادونه من كلام يخدم أهدافهم بحكم أنه لا ينسجم أحياناً مع ما هو ثابت من أن الإسلام يقوم على التسامح والوسطية والعدل والحرية المسؤولة وحق الإنسان في التعبير عن رأيه بما لا يخالف تعاليم الإسلام وقيمه.
***
وأسهل علينا أن نتحاور من أن نتصادم؛ كي نفوت الفرصة على من يريد بالإسلام والمسلمين شراً، ومثل هذا الحوار الجميل لا يمكن أن يتحقق وأن يعطي نتائجه المتوخاة، طالما ظل هذا الطرف أو ذاك يرفض القبول بالآخر بل وقد يصدر أحكاماً تزيد في مسافة التباعد بينهما، وكل هذا بالنتيجة لا يخدم الإسلام ولا يعزز قوة المسلمين، فضلاً عن أنه يحقق للعدو الأهداف التي رسمها لإضعافنا.
***
ومجلس الوزراء الذي رأس جلسته خادم الحرمين الشريفين بمشاركة ولي العهد منتصف شهر رمضان، تنبه إلى هذا فأعرب عن أمله بأن نعود إلى الحق، وأن يكون الاختلاف فيما بيننا بما لا ضرر ولا إضرار فيه، وبخاصة حين يكون ذلك في إطار محاسبة الذات وحق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة، ما يعني أن مساحة التفاهم والتواصل فيما بيننا للوصول إلى الحق تظل كبيرة ومتاحة أمام الجميع ليعبر كل منا عن وجهة نظره في السلوكيات والتعاملات في جميع مناشط حياتنا، بما لا يُشعِر أحداً عندئذ ووفق هذا التطبيق بأن رأيه قد همش أو أسيء فهمه، على النحو الذي يسود الآن ما يتناقله الناس من انطباعات.
***
وينبغي أن نشير إلى أن الالتزام بالموضوعية والتمسك بالهدوء وتقبل الرأي الآخر والتخلي عن الرأي الواحد، إنما نحافظ حين نتمسك بها على مبدأ الحوار العاقل المطلوب الذي يجنبنا التشنج وأجواء الصدام، ومن ثم يساعدنا على إيجاد بيئة مناسبة للتعاون ونبذ الفرقة والخلافات والسمو بالكلمة وهو ما نفهمه من قراءتنا المتأنية لتصريح وزير الثقافة والإعلام بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء المشار إليه عن هذا التوجه الذي ارتآه وتمناه خادم الحرمين الشريفين وأعضاء حكومته.