في الوقت الذي كنت أتأمل فيه وضع العالم الاقتصادي، وأستعيد صوراً لقوانينه الجائرة في مجالات السياسة والاقتصاد والإعلام والحروب، مع أنها تنطلق تحت ما يسمى بـ(الشرعية الدولية).
وفي الوقت الذي كنت فيه أتأمل بعض آيات كتاب الله، وبعض أحاديث خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام فأرى فيها ما يؤكد المصير المؤلم الذي تندفع إليه مركبة هيئة الأمم المتحدة في غفلةٍ أصبح الخلاص منها عند أصحابها شبيهاً بالمستحيل.
في هذا الوقت وذاك وصلتني رسالة جوالية من أخٍ عزيز وصديق كريم هو الأخ إبراهيم الماجد الذي يكتب أحياناً في جريدة الجزيرة مقالات مختصرة في موضوعات شتى، وصلتني رسالته فشعرت أن الحاسَّة السادسة أو العاشرة التي يتحدثون عنها قد قامت بدورها الفعال، فكأنما كان معي في لحظات التأمل التي أشرت إليها سابقاً، وكأن شيئاً من (التخاطر) قد جرى بين روحينا في لحظةٍ واحدة، فقد كنت أتأمل الآية الكريمة التي تشير إلى أن المترفين الذين يفسقون في الأرض هم الذين يستعجلون عليهم وعلى أبناء جنسهم غضب الله ومقته، وتدميره لمظاهر الفساد التي يشيعونها {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} وكنت أتساءل في لحظة التأمل تلك: يا ترى أليس للمسلمين ضمائر حيَّة تتعامل مع هذا البيان القرآني الذي يضع الناس أمام الحقائق والسنن الكونية؟
في هذه اللحظة وصلت رسالة الأخ إبراهيم التي حملت مقولة واضحة صريحة لرجل اقتصادي غربي، وإليكم ما قال: إن ما نمر به من غليان في الأسواق العالمية هو أكثر من أزمة مالية، بل هو تغيير جيوسياسي تاريخي، يعاد فيه تشكيل موازين القوى في العالم دون رجعة، ويعلن فيه انتهاء حقبة الهيمنة الأمريكية المتسلِّطة التي تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية (الأستاذ في علم السياسة والاقتصاد جون غري) رسالة واضحة رأيت فيها ما يمكن أن يقف عنده أولئك المخدوعون من أبناء أمتي، وبعض مثقفي وطني العربي (الغافي) بما لدى أمريكا وغير أمريكا من بريق اقتصادي يزف مواكبه الكبرى فسادٌ عريض لن يتركه الله دون عقاب، من هذا المنطلق نعتني بهذه الرسائل وإلا فإن في منظورنا الشرعي الإسلامي ما يضعنا أمام الحقائق دون تمويه، فديننا دين كامل شامل صالح لكل زمان ومكان، لو التفت إليه المسلمون في هذا العصر بصدق، وتعاملوا مع الغرب والشرق بضوابطه ورؤيته الشاملة لما رأينا ما نراه من هذه النسخ الممسوخة من نماذج الغرب الفاسدة في شركاتنا الكبرى ومجمعاتنا التجارية وأسواقنا ووسائل إعلامنا وكثير من مدارسنا وجامعاتنا.
اقتصاد عالمي قام على الفساد، ورعى الفساد، ولا مناص من انهياره أبداً فلماذا لا يكون لنا موقفنا الإسلامي المنضبط بضوابط الشرع في ذلك كله؟
إشارة
إنَّ الله يمهل ولا يهمل
www.awfaz.com