Al Jazirah NewsPaper Monday  13/10/2008 G Issue 13164
الأثنين 14 شوال 1429   العدد  13164
الرئة الثالثة
خالد المالك.. (المبدع الممتنع)!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

خالد بن حمد المالك.. اسم منقوش في ذاكرة عشاق الحرف الجميل منذ أربعة عقود أو تزيد، وهو يقترن سيرة ومساراً بقافلة الإبداع الصحفي الذي يتحدى المستحيل، وقد طلب مني مؤخراً أحد الإخوة المتابعين لعطاء أبي بشار معني برصد وتدوين الظاهرة (المالكية) في الصحافة السعودية - طلب مني أن أشارك بمداخلة خاصة عن هذا الرجل، فلبّيت الدعوة رغم العسر الذي توقعته في الكتابة عنه، ولو عبر مداخلة قصيرة؛ لأن تجربته المثيرة في عالم الصحافة التي اقتحمها تسلُّلاً من بوابة الرياضة، شأنه شأن آخرين من معاصريه، عصيّة على الرصد لما تحويه من ثراء التجربة، وجسارة المحاولة، وشقاوة الإبداع، وقد برز لي سؤال صعب فيما أنا أحاول التعامل مع رغبة الباحث الكريم في إعداد النص عن أبي بشار.. (من أين أبدأ الحديث عنه وكيف؟) فكانت السطور التالية ثمرة ذلك المخاض، وإن كانت غير منصفة له، لكنها نفحة صدقٍ ترسمُ بالحرف صورة تقريبية للرجل!

**

* لا أذكر بدءاً على وجه التحديد لحظة لقائي الأول بفارس الصحافة السعودية، الأستاذ خالد المالك، لكنني شرُفتُ بمعرفته عبر مساحة من الزمن تنوفُ على ثلاثة عقود تقريباً، منذ أن كان رئيساً لتحرير (الجزيرة)، قبل أن يهجرها مختاراً فترة من الزمن ثم يعود إلى سُدَّتها كرةً أخرى ممتطياً حصاناً أبيض، ليدخل حصنها (دخول الفاتحين)، وينقذها من محنة حلّت بها، كادت تمزق حصاد سنينها، سُمعة وصيتاً!

**

* كان قارب حرفي خلال تلك الفترة يمارس الإبحار الهادئ بين شواطئ القرية الصحفية في المملكة، بدءاً ب(غصن زيتون) بمجلة (اليمامة) في عهد ربّانها الأسبق الصديق محمد الشدي، ثم (الجزيرة) في عصرها الذهبي الأول بقيادة خالد المالك، عبر زاوية (أربعائيات)، لأعود بعد ذلك إلى أفياء (اليمامة) في عهد فارسها الصديق الدكتور فهد العرابي الحارثي، قبل أن (يتصدع) جدار الودّ معها بعد رحيله عنها، فأُهاجر إلى (عكاظ) ثم (البلاد)، ثم يستقر بي الإبحار المعذَّب في مرفأ (الجزيرة) مرة أخرى قبل إشراقة عصرها الذهبي الثاني بعودة خالد المالك رئيساً لتحريرها، وقد أقام لي هو وزملاؤه الكرام في ساحة النبل خيمة من الود يتنفس قلمي في رحابها مرة كل يوم اثنين تنفساً حرّاً لا يلوِّثه (كربون) الرقيب ولا يروعه (مسُّ) المطبعة اللاَّإرادي، حذفاً لكلمة أو تشويهاً لأخرى، إلا ما ندر! وهكذا، وُلدِت زاويتي الأسبوعية (الرئة الثالثة) التي أتشرف بالانتساب إليها منذ نحو عقدين من الزمن وبلا انقطاع!

**

* وبعد..،

فإن خالد المالك، بعيداً عن (فسيفساء) اللغة، مدرسة صحفية تستحق أن يؤرخ لها المؤرخون، ولابد أن هناك من هو أكثر مني التصاقاً بأبي بشار وأغدق معرفة به ليضيف في هذا الصوب ما ينير لنا الدرب في (دهاليز) شخصية هذا الرجل، ويرسم لنا معالم (الفلسفة المالكية) التي قاد بها هذه السفينة العملاقة من موانئ الشك والخسارة وغرق الثقة.. إلى مياه الحق والطمأنينة واليقين، بلا ضجة ولا ضجيج!



**

* من جهة خرى، أزعم أن المراقب الحصيف ل(سلوكيات) خالد المالك يدرك في غير عسر أنه ينفر من الحديث عما أحدَثه أو استحدثه في سفينة (الجزيرة)، لينتزعها في سنين قليلة من المواقع الخلفية في قافلة الصحافة السعودية إلى الصف الأول منها، ورغم ذلك، تلقاه في مجلس صديق أو على هامش حدث، فلا يشعرك، حركة أو إشارة أو حديثاً، أنه (مهندس) التألق الأدبي والصحفي الذي تشهده صحيفة (الجزيرة) منذ سنين؛ لأنه من فرط تواضعه لا يحرضك على اقتحام ساحة شخصيته، عدا ما يفيض به حديثه معك ثقافةً وانشغالاً بشؤون الكون وشجونه، وكأنه لا هم له ولا هاجس سوى ذلك، ولعل هذا يمنح المتأمل لشخصية خالد المالك، مدخلاً يحل (شفرة) الإبداع في مشواره الشخصي والصحفي!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد