نتعجب كثيراً عندما نعلم بالوضع الاقتصادي المتميز الذي يعيشه اقتصادنا السعودي ومع ذلك نشهد انحداراً مخيفاً لسوق الأسهم السعودي، ونتعجب أكثر عندما نعلم بالربحية العالية التي تحققها غالبية البنوك والشركات المدرجة في السوق ومع ذلك نجد أن أسهم تلك البنوك والشركات تفقد نسبة كبيرة من سعرها السوقي خلال فترة وجيزة. ونتعجب أكثر وأكثر عندما يصرح معالي نائب محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر ويؤكد بأن البنوك السعودية وضعها المالي متميز وكل قروضها موجودة في الاقتصاد السعودي ومع ذلك نجد أن نسبة انحدار سوقنا المالي تفوق نسبة انحدار السوق الأمريكي والذي انطلقت منه شرارة الأزمة المالية العالمية.
ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية من تطبيق لمبادئ النظام الاقتصادي الرأسمالي المتطرف من خلال إعطاء البنوك مطلق الحرية في سلك منافسة غير مشروعة تضرر منها المجتمع الأمريكي بأكمله وغيره من شعوب الأرض، يجعلنا نتمعن في مبادىء النظام الاقتصادي الإسلامي والذي يوازي بين مصلحة الفرد والمجتمع، فالفرد والمؤسسات وفقاً للنظام الاقتصادي الإسلامي له مطلق الحرية في استثمار الأموال في كافة المجالات الاقتصادية طالما أن تلك الاستثمارات لا تلحق أضراراً بمصالح المجتمع، ومتى لحق بالمجتمع أضرار من جراء تلك الاستثمارات فإن ذلك يعد من قبيل الاستثمارات التي لا تجيزها أحكام الشريعة الإسلامية والتي عادة ما تحرص على إيجاد التوازن بين مصالح الجماعة والأفراد على حد سواء.
وبالنظر لاقتصادنا السعودي، نجد أنه مرتكز على مبادئ الاقتصاد الإسلامي والتي تنطلق من الغاية الأساسية التي تقوم عليها التنمية الاقتصادية الإسلامية والمتمثلة في عبادة الله سبحانه وتعالى من خلال إيجاد التوازن بين الفرد والجماعة، وبين الروح والمادة، وفوق هذا وذاك بين الدنيا والآخرة. ومن أجل ذلك كله نجد أن الدولة وضعت الكثير من الضوابط والمعايير التي تلتزم بها المؤسسات الاستثمارية والمصرفية لدينا، كما نلاحظ الدور الإشرافي المتميز الذي تقوم به مؤسسة النقد على البنوك والمؤسسات المصرفية لدينا حرصاً من المؤسسة على عدم تعريض أموال المواطنين لمخاطر عالية وبالتالي يمكن القول بأن الإدارة المحافظة من قبل مؤسسة النقد والمرتكزة على أسس اقتصادية إسلامية متوازنة تجاه البنوك وفرت لها الحماية من التورط في تعاملات مالية خطرة وغير مضمونة.