يتذمر الكثير من الأسلوب الذي يعبر به ومن خلاله الشباب عن مشاعر الفرح والبهجة أي كان نوعها!!! ولكن من جانب موازي لم يتساءل أحد عن سبب تحول هذا الشغب الموسمي إلى ما يشبه الظاهرة التي يصعب السيطرة عليها؟
ولم يبحث المتذمرون عن ذلك الجزء من الثقافة الذي يعلمهم (آداب وأخلاقيات الفرح)؟ أين هي السلوكيات التي غرست بهم منذ بواكير الطفولة ابتدأ من طبقة الصوت في الأماكن العامة وصولا إلى حق الآخر في حيز مجاور يشاركني به الفضاء المدني؟ هل رسمت لهم الخطوط الحمراء التي يجب أن يحذروها ولا يتجاوزونها سواء من خلال تعاليم ووصايا المنزل أو المدرسة أو المسجد؟ أي جزئية من الثقافة تخبرهم أن هناك حدود وضوابط للسلوكيات التي يعبرون من خلالها عن فرحهم
وبسبب غياب أو تواري هذا الجزء من الثقافة حتما سيباغتهم أحساس عارم بالخطيئة والذنب أثناء الفرح، مشاعر سلبية مختلطة تقودهم إلى الانفلات والصخب دون وضع أي اعتبار للمحيط المجاور، فهم لا يمتلكون مرجعية ثقافية خاصة بهذه الحالة، الفرح بالنسبة لهم حالة خارجة عن إطار الثقافة التي يتحركون بداخلها، وبالتالي المراهق عندما يتجاوز الحدود فهو يسرف ويشط وينطلق إلى أقصاه، عندها نستنكر ردود فعل المراهقين بعد فوز الفرق الرياضية، وصولا إلى اليوم الوطني والاحتفال بالأعياد.
عندما حضرت أحدى المسرحيات النسائية في عيد الفطر الماضي، كانت ردود فعل الجمهور تقترب من صخب الضجيج في ملعب كرة القدم، أو ساحة لسيرك شعبي مابين الصراخ والصفير والتصفيق، هذا عدا التزاحم عند الدخول، واختيار المقاعد المتجاورة.
مدينة الرياض في الأعوام السابقة كانت في مغرب يوم العيد تنطبق عليها غمامة من الصمت الكئيب، وغيمة جنائزية تهيمن على المكان، بعد أن غادرها رمضان بلياليه البيضاء وروحانيته، لتلتحف المدينة باكرا وترقد كعجوز قد بادره النعاس.
ولكن من ناحية أخرى عندما نوقد قناديل الفرح في المدينة وتسعى إلى إشعال مهرجانات البهجة لسكانها، لابد أن يكون هناك على الجانب الآخر تأسيس لثقافة التعايش المدني والانضباط في سلوكيات حضارية تعكس مدينة حديثة تحتفل بأعيادها ومناسباتها...بفرح جميل.